وجواب إِذَا محذوف لإرادة التهويل على الناس، والتقدير : إذا حدث ما حدث، رأيتم أعمالكم من خير أو شر.
يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ أي يا أيها الإنسان، والمراد به الجنس الذي يشمل المؤمن والكافر، إنك عامل في هذه الحياة ومجاهد ومجدّ في عملك، ومصير سعيك وعملك إلى ربك أو إلى لقائه بالموت، وإنك ستلقى ما عملت من خير أو شر، أو سوف تلقى ربك بعملك. والكدح : جهد النفس في العمل حتى تأثرت.
عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ مَرَّةً : عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَقَالَ مَرَّةً : عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ : جَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ إِلَى النَّبِيِّ - ﷺ -، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ، عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وَأَحْبِبْ مَنْ أَحْبَبْتَ فَإِنَّكَ مَفَارِقُهُ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ، ثُمَّ قَالَ : يَا مُحَمَّدُ، شَرَفُ الْمُؤْمِنِ قِيَامُ اللَّيْلِ، وَعِزُّهُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ "المستدرك للحاكم (١).
وعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - :" قَالَ لِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا مُحَمَّدُ، عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وَأَحْبِبْ مَنْ أَحْبَبْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مُلَاقِيهِ " شعب الإيمان (٢)
فقوله : فَمُلاقِيهِ يعود الضمير إلى العمل من خير أو شر، وقيل : يعود الضمير على قوله رَبِّكَ أي فملاق ربك، ومعناه : فيجازيك بعملك ويكافئك على سعيك.
ثم ذكر أحوال الناس وانقسامهم إلى فريقين يوم القيامة، فقال : الفريق الأول- المؤمنون : فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ، فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً، وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً أي فأما من أعطي كتاب أعماله بيمينه وهم المؤمنون، فإنه يحاسب حسابا سهلا، بأن تعرض عليه سيئاته، ثم يغفرها اللّه ويتجاوز عنها، من غير أن يناقشه الحساب، فذلك هو الحساب اليسير.
عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ - ﷺ - قَالَ « مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ ». قَالَتْ قُلْتُ أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى ( فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ). قَالَ « ذَلِكِ الْعَرْضُ »صحيح البخارى (٣).
وعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ -، يَقُولُ فِي بَعْضِ صَلاتِهِ : اللَّهُمَّ حَاسِبْنِي حِسَابًا يَسِيرًا فَلَمَّا انْصَرَفَ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْحِسَابُ، قَالَ : يُنْظَرُ فِي كِتَابِهِ وَيُتَجَاوَزُ عَنْهُ، إِنَّهُ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ يَوْمَئِذٍ يَا عَائِشَةُ هَلَكَ، وَكُلُّ مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ يُلْقِي اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى الشَّوْكَةَ تَشُوكُهُ " (٤)

(١) - المستدرك للحاكم (٧٩٢١) وصحيح الجامع (٤٣٥٥) صحيح لغيره
(٢) - شعب الإيمان - (١٣ / ١٢٥) (١٠٠٥٧ ) صحيح لغيره
(٣) - صحيح البخارى (٦٥٣٦ )
(٤) - المستدرك للحاكم (١٩٠) صحيح


الصفحة التالية
Icon