جابر بن زيد فعد الفاتحة بعد المدثر ثم عد البقية فهي عنده الثامنة، فهي من أوائل السور وقوله تعالى: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى﴾ ينادي على ذلك.
وعدد آيها تسع عشرة آية باتفاق أهل العدد.
أغراضها
اشتملت على تنزيه الله تعالى والإشارة إلى وحدانيته لانفراده بخلق الإنسان وخلق ما في الأرض مما فيه بقاؤه.
وعلى تأييد النبي - ﷺ - وتثبيته على تلقي الوحي.
وأن الله معطيه شريعة سمحة وكتابا يتذكر به أهل النفوس الزكية الذين يخشون ربهم، ويعرض عنهم أهل الشقاوة الذين يؤثرون الحياة الدنيا ولا يعبأون بالحياة الأبدية.
وأن ما أوحي إليه يصدقه ما في كتب الرسل من قبله وذلك كله تهوين لما يلقاه من إعراض المشركين. " (١)
مناسبتها لما قبلها :
تظهر صلة هذه السورة بما قبلها في أن سورة الطارق ذكرت خلق الإنسان في قوله تعالى : خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ [٦] وبدء خلق النبات في قوله : وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ [١١- ١٢].
وهذه السورة تحدثت بما هو أعم وأشمل من خلق الإنسان وغيره : خَلَقَ فَسَوَّى [٢] وخلق النبات في قوله : وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى، فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى [٤- ٥].
ختمت سورة « الطارق » ـ قبل هذه السورة بقوله تعالى :« إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً. وَ أَكِيدُ كَيْداً. فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً » وفى هذا ـ كما عرفنا ـ تهديد للمشركين، وتطمين لقلب النبي، وحماية له من هذا الكيد الذي يكاد له، فناسب أن تجى ء بعد ذلك سورة « الأعلى » مبتدئة بقوله تعالى :« سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى »، ففى هذا الاستفتاح دعوة إلى تمجيد اللّه وتعظيمه، والتسبيح بحمده، على أن أخذ الظالمين بظلمهم، وأبطل كيدهم.. (٢)
ما اشتملت عليه السورة :
* سورة الأعلى من السور المكية، وهي تعالج بإختصار المواضيع الآتية :
١- الذات العلية وبعض صفات الله جل وعلا، والدلائل على القدرة والوحدانية
٢ - الوحي والقرآن المنزل على خاتم الرسل (ص) وتيسير حفظه عليه
٣ - الموعظة الحسنة التي ينتفع بها أهل القلوب الحية، ويستفيد منها أهل السعادة والإيمان
(٢) - التفسير القرآني للقرآن، ج ١٦، ص : ١٥٢٧