تتعلق السورة الكريمة بما قبلها من وجوه ثلاثة :
١- إن القسم الصادر في أولها كالدليل على صحة ما ختمت به السورة التي قبلها من قوله جل جلاله : إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ.
٢- تضمنت السورة السابقة قسمة الناس إلى فريقين : أشقياء وسعداء، أصحاب الوجوه الخاشعة، وأصحاب الوجوه الناعمة، واشتملت هذه السورة على ذكر طوائف من الطغاة : عاد وثمود وفرعون الذين هم من الفريق الأول، وطوائف من المؤمنين المهتدين الشاكرين نعم اللَّه، الذين هم في عداد الفريق الثاني، فكان الوعد والوعيد حاصلا في السورتين.
٣- إن جملة أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ.. في هذه السورة مشابهة لجملة :

أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ في السورة المتقدمة.
ما اشتملت عليه السورة :
* سورة الفجر مكية، وهي تتحدث عن أمور ثلاثة رئيسية هي :
١- ذكر قصص بعض الأمم المكذبين لرسل الله، كقوم عاد، وثمود، وقوم فرعون، وبيان ما حل بهم من العذاب والدمار، بسبب فجورهم وطغيانهم [ ألم تر كيف فعل ربك بعاد ؟ إرم ذات العماد ؟ التي لم يخلق مثلها في البلاد ] ؟ الأيآت
٢ - بيان سنة الله تعالى في ابتلاء العباد في هذه الحياة، بالخير والشر، والغنى والفقر، وطبيعة الإنسان في حبه الشديد للمال [ فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه. فيقول ربي أكرمن، وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن.. ] الآيات
٣ - ذكر الدار الآخرة وأهوالها وشدائدها، وانقسام الناس يوم القيامة، إلى سعداء وأشقياء وبيان مآل النفس الشريرة، والنفس الكريمة الخيرة [ كلا إذا دكت الأرض دكا دكا، وجاء ربك والملك صفا صفا، وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى ] إلى نهاية السورة الكريمة
قال الله تعالى :[ والفجر وليال عشر... ] إلى قوله [ فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ] من أول آية إلى آية (٣٠) نهاية السورة الكريمة (١)
تحتوي السورة تذكيرا بعذاب اللّه الذي حل بالطغاة المتمردين من الأمم السابقة كعاد وثمود وفرعون وإنذارا لأمثالهم، وتنديدا بحب المال والاستغراق فيه، واستباحة البغي والظلم في سبيله، وعدم البر باليتيم والمسكين، ودحضا لظن أن اليسر والعسر في الرزق اختصاص من اللّه بقصد التكريم والإهانة. وفيها تصوير مشهد ما يكون من مصير البغاة يوم القيامة وحسرتهم
(١) - صفوة التفاسير ـ للصابونى - (٣ / ٤٨٥)


الصفحة التالية
Icon