.. وكلها تعمل متناسقة، وتعطي ثمارها كاملة حين تتجمع وتتناسق، بينما تفسد آثارها وتضطرب وتفسد الحياة معها، وتنتشر الشقوة بين الناس والتعاسة حين تفترق وتتصادم: ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.. فالارتباط قائم وثيق بين عمل الإنسان وشعوره وبين ماجريات الأحداث في نطاق السنة الإلهية الشاملة للجميع. ولا يوحي بتمزيق هذا الارتباط، ولا يدعو إلى الإخلال بهذا التناسق، ولا يحول بين الناس وسنة الله الجارية، إلا عدو للبشرية يطاردها دون الهدى ؛ وينبغي لها أن تطارده، وتقصيه من طريقها إلى ربها الكريم..
هذه بعض الخواطر والانطباعات من فترة الحياة في ظلال القرآن. لعل الله ينفع بها ويهدي. وما تشاءون إلا أن يشاء الله." (١)
وقد سار في هذا التفسير الذي لم يؤلف على منواله على الشكل التالي :
التعريف بالسورة وما اشتملت عليه من موضوعات بشكل دقيق جدا
توالكلام عن مكيتها أو مدنيتها، ذكر أسباب النزول، تقسيم السورة إلى وحدات موضوعية، ووضع عناوين دقيقة لها، ثم الكلام عن الوحدة بشكل موجز يبين مغزاها، ثم يستفيض في شرح المقطع ويركز على حكمة التشريع، والدفاع عن الإسلام وعرضه بشكل صاف بعيد عن أي غبشٍ، ويستعين بالمأثور أحياناً من كتب التفسير ولاسيما تفسير ابن كثير وكتب السيرة، ويرد على الخرافات والإسرائيليات وكل ما يحول بين المسلم وبين فهم كتاب الله تعالى، فهو يربطك بهذا الكتاب الخالد مباشرة دون حواجز، لا حدود، ومن ثم لم يركز على التفريعات اللغوية والفقهية والكلامية، وهو يربط بين القرآن والعلم الحديث، ويبين أنهما توأمان، ويرد على جميع المذاهب الفكرية المعاصرة المخالفة للإسلام بقوة، ويجهز عليها بلا رجعة، ويغوص إلى أعماق النفس الإنسانية، فيتكلم عنها في حال ارتفاعها وفي حال ارتكاسها، ولم ينح منحى المدرسة العقلية كثيرا، بل رد عليهم في مواضع متعددة أنظر تفسير سورة الفيل مثلاً، ويرسترسل في بعض المواضيع التي يرى أنها حرفت في فكرنا المعاصر كالجهاد والحاكمية والولاء والبراء، وكمال الشريعة وخلودها، والناحية التصويرية والجمالية في القرآن الكريم قد استحوذت عليه بشكل جليٍّ. والأحاديث التي يذكرها لا يقول بالحكم عليها غالباً، وقد يؤل بعض الآيات، وتفسيره هذه مرَّ به فيس