ابتلاء الإنسان بالتعب واغتراره بقوته وماله

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (١) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (٢) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (٤) أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (٥) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا (٦) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (٧)
المفردات :
رقم الآية... الكلمة... معناها
١... البَلَدِ... مكة المكرمة
٢... وَأَنْتَ حِلٌّ... أقسم الله تعالى بمكة البلد الحرام التي أحل الله فيها القتل والقتال لرسول الله - ﷺ - ساعة من يوم الفتح
٣... وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ... آدم وذريته
٤... فِي كَبَدٍ... نصب وشدة يعاني مصائب الدنيا وشدائد الآخرة
٥... أَنْ لَّنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَد... أي لن يقدر على سؤاله ومحاسبته أحد
٦... مَالاً لُّبَدًا... كثيرا وهو من التلبد : كأن بعضه على بعض
٧... لَم يَرَهُ أَحَدٌ... يظن أن الله لم يره، بل الله رآه وعلم ما أنفق
المعنى الإجمالي:
أقسم سبحانه فى مستهل هذه السورة بالسماء ونجومها الثاقبة - إن النفوس لم تترك سدى ولم ترسل مهملة، بل قد تكفل بها من يحفظها ويحصى أعمالها وهو اللّه سبحانه.
وفى هذا وعيد للكافرين وتسلية للنبى - ﷺ - وأصحابه، فكأنه يقول لهم : لا تخزنوا لإيذاء قومكم لكم، ولا يضق صدركم لأعمالهم، ولا تظننّ أنا نهملهم ونتركهم سدى، بل سنجازيهم على أعمالهم بما يستحقون، لأنا نحصى عليهم أعمالهم ونحاسبهم عليها يوم يعرضون علينا « فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا » والعدّ إنما يكون للحساب والحزاء. (١)
ابتدأ اللّه هذه السورة الكريمة بعبارة تدل على القسم وتأكيده - كما بيناه في سورة القيامة وفي سورة التكوير وفي سورة الانشقاق - : أقسم بهذا البلد، والمراد مكة المكرمة التي جعلت حرما آمنا جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ فيها الكعبة التي هي قبلة المسلمين، وفيها مقام إبراهيم، وفيها ظهور النور المحمدي الذي كان قياما للناس، وأقسم بكل والد وما ولد من إنسان وحيوان ونبات، أقسم بهذا كله على أن الإنسان خلق في تعب ومشقة، ولعلك تسأل ما السر في قوله : وأنت حل بهذا البلد ؟ أى مكة، وقد جعل معترضا بين ما أقسم به من هذا البلد
(١) - تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (٣٠ / ١٠٩)


الصفحة التالية
Icon