٦... وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى... بالملة الحسنى وهي الإسلام
٧... فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى... نيسره للخير وللعمل الصالح
٨... وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى... بخل بماله واستغنى عن ربه
٩... وَكَذَّبَ بِالحُسْنَى... بالجزاء في الدار الآخرة فلم يؤمن
١٠... فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعًُسْرَى... لطريق الشر
١١... تَرَدَّى... سقط في جهنم فهلك
المعنى الجملي:
أقسم سبحانه بما أقسم بأن سعى البشر مختلف، فأقسم :
(١) بالليل الذي يأوى فيه كل حيوان إلى مستقره، ويسكن عن الاضطراب إذ يغشاه النوم الذي فيه راحة لبدنه وجسمه.
(٢) بالنهار الذي يتحرك فيه الناس لمعاشهم، وفيه تغدو الطير من أو كارها وتخرج الهوامّ من أجحارها.
(٣) بالقادر العظيم الذي خلق الذكر والأنثى وميّز بين الجنسين مع أن المادة
التي تكوّنا منها واحدة، والمحل الذي تكوّنا فيه واحد، وفى ذلك دليل على تمام العلم وعظيم القدرة كما قال :« يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ. أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ». (١)
أقسم الحق - تبارك وتعالى - بالليل إذا يغشى هذا الكون بجحافله، لا يفلت منه شيء، والليل الذي يستر الكل بظلامه، ويواريه تحت جنحه فيسكن الكون، ويموت الحي ميتة صغرى، وأقسم بالنهار إذا تجلى وانكشف بطلوع الشمس فانكشف بظهوره كل شيء، ودبت الحياة في الحي، واستيقظ الكل يسعى وراء العيش، بعد طول الهجود والنوم. فسبحانك يا رب جعلت الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، وماذا كان الحال لو أن الليل كان دائما أو النهار ؟ ! وأقسم بالذي خلق الزوجين الذكر والأنثى من المنى مع أن الماء واحد، والمكان واحد، ولكنه - جل جلاله - يهب لمن يشاء إناثا، ويهب لمن يشاء الذكور، أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما، سبحان اللّه خلق الليل والنهار، والضوء والظلام، والذكر والأنثى، على أن المادة واحدة في الجميع، ثم أقسم بهذا كله على أن سعيكم أيها الناس لمختلف نوعا وجنسا وغاية ونهاية، قل كل يعمل على شاكلته أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ

(١) - تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (٣٠ / ١٧٣)


الصفحة التالية
Icon