١٨] وقوله : أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ، سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ، ساءَ ما يَحْكُمُونَ [الجاثية ٤٥/ ٢١].
ثم فصل أحوال الناس وقسمتهم فريقين، فقال : فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى أي فأما من بذل ماله في وجوه الخير، واتقى محارم اللَّه التي نهى عنها، وصدق بموعود اللَّه الذي وعده عوضا عن الإيمان والنفقة الخيرية، فإنا نسهل عليه كل ما كلّف به من الأفعال والتروك، ونهيئه للخطة السهلة التي تؤدي به إلى الخير، ونيسر له الإنفاق في سبيل الخير والعمل بطاعة اللَّه.
وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى، وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى، وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى أي وأما من بخل بماله، فلم يبذله في سبل الخير، واستغنى بشهوات الدنيا عن نعيم الآخرة، وزهد في الأجر والثواب وفضل اللَّه، وكذّب بالجزاء في الدار الآخرة، فسنهيئه للخصلة العسرى والطريقة الصعبة التي لا تنتج إلا شرا، حتى تتعسر عليه أسباب الخير والصلاح، ويضعف عن فعلها، حتى يصل إلى النار، ولا يغني عنه شيئا ماله الذي بخل به، إذا سقط في جهنم.
ويلاحظ أن التيسير والبشارة في الأصل على الشيء المفرح والسّاتر، لكن إذا جمع في الكلام بين خير وشر، جاء التيسير والبشارة فيهما جميعا.
أخرج البخاري عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - ﷺ - فِى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ فِى جَنَازَةٍ فَقَالَ « مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ ». فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نَتَّكِلُ فَقَالَ « اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ ». ثُمَّ قَرَأَ ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ) إِلَى قَوْلِهِ ( لِلْعُسْرَى )..
وعَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - ﷺ -. أَنَّهُ كَانَ فِى جَنَازَةٍ فَأَخَذَ عُودًا يَنْكُتُ فِى الأَرْضِ فَقَالَ « مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ أَوْ مِنَ الْجَنَّةِ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نَتَّكِلُ قَالَ « اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ) الآيَةَ. (١)
وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ : أَنَّ النَّبِيَّ - ﷺ -، كَانَ فِي جِنَازَةٍ فَأَخَذَ عُودًا، فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِ فِي الأَرْضِ، فقَالَ : مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ الْجَنَّةِ، فقَال رَجُلٌ : أَلاَ نَتَّكِلُ ؟ فقَالَ : اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ ثُمَّ قَرَأَ :﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾ [الليل :]. (٢)
ومضات :
(٢) - صحيح ابن حبان - (٢ / ٤٥) (٣٣٤) صحيح