هي شديدة الاتصال بسورة الضحى، لتناسبهما في الجمل والموضوع لأن فيهما تعداد نعم اللَّه تعالى على نبيه - ﷺ -، مع تطمينه وحثه على العمل والشكر، حيث قال في السورة السابقة : أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى.. وأضاف هنا وعطف : أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ...
ولهذا ذهب بعض السلف إلى أنهما سورة واحدة بلا بسملة بينهما، والأصح المتواتر كونهما سورتين، وإن اتصلتا معنى.
وما عدد اللّه - تعالى - لنبيه - ﷺ - بعض نعمه العظيمة عليه في سورة الضحى، جاءت سورة الشرح، لتسوق نعما أخرى منه - تعالى - عليه - ﷺ - حاثا إياه على شكره، ليزيده منها. (١)
وقال المراغي :
" وهي شديدة الاتصال بما قبلها حتى روى عن طاوس وعمر بن عبد العزيز أنهما كانا يقولان : هما سورة واحدة، وكانا يقرآنهما فى الركعة الواحدة، وما كانا يفضلان بينهما بالبسملة، ولكن المتواتر كونهما سورتين وإن كانتا متصلتين معنى، إذ فى كل منهما تعداد النعم وطلب الشكر عليها. " (٢)
ولما أمره - ﷺ - آخر الضحى بالتحديث بنعمته التي أنعمها عليه فصلها في هذه السورة فقال مثبتاً لها في استفهام إنكاري مبالغة في إثباتها عند من ينكرها والتقرير بها مقدماً المنة بالشرح في صورته قبل الإعلام بالمغفرة كما فعل ذلك في سورة الفتح الذي هو نتيجة الشرح، لتكون البشارة بالإكرام أولاً لافتاً القول إلى مظهر العظمة تعظيماً للشرح. (٣)
ما اشتملت عليه السورة :
* سورة الإنشراح مكية، وهي تتحدث عن مكانة الرسول الجليلة، ومقامه الرفيع عند الهص تعالى، وقد تناولت الحديث عن نعم الهن العديدة على عبده ورسوله محمد ( - ﷺ - ) وذلك بشرح صدره بالإيمان، وتنوير قلبه بالحكمة والعرفان، وتطهيره من الذنوب والأوزار، وكل ذلك بقصد التسلية لرسول الله( - ﷺ - )عما يلقاه من أذى الكفار الفجار، وتطييب خاطره الشريف بما منحه الله من الأنوار [ ألم نشرح لك صدرك، ووضعنا عنك وزرك، الذي أنقض ظهرك ] ؟ الآيات.
* ثم تحدثت عن إعلاء منزلة الرسول ( - ﷺ - )، ورفع مقامه في الدنيا والآخرة، حيث قرن اسمه، باسم اله تعالى [ ورفعنا لك ذكرك ] الآيات.

(١) - التفسير الوسيط للقرآن الكريم لطنطاوي - (١٥ / ٤٣٥)
(٢) - تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (٣٠ / ١٨٨)
(٣) - نظم الدرر ـ موافق للمطبوع - (٨ / ٦٨٦)


الصفحة التالية
Icon