وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ أي جعلنا ذكرك مرفوعا عاليا في الدنيا والآخرة، بالنبوة وختم الرسالات بك، وإنزال القرآن العظيم عليك، وتكليف المؤمنين بالقول بعد « أشهد أن لا إله إلا اللَّه » :« أشهد أن محمدا رسول اللَّه » سواء في الأذان أم في التشهد أم في الخطبة وغيرها، وأمرهم بالصلاة والسلام عليه، وأمر اللَّه بطاعته، وجعل طاعته طاعة للَّه تعالى.
عَنْ قَتَادَةَ، وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ رَفَعَ اللَّهُ ذِكْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَلَيْسَ خَطِيبٌ، وَلَا مُتَشَهِّدٌ، وَلَا صَاحِبُ صَلَاةٍ، إِلَّا يُنَادِي بِهَا : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ " (١).
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ -، قَالَ :" أَتَانِي جِبْرِيلُ، فَقَالَ : إِنَّ رَبِّي وَرَبَّكَ يَقُولُ لَكَ :" كَيْفَ رَفَعْتُ ذِكْرَكَ ؟ "، قَالَ : اللَّهُ أَعْلَمُ، قَالَ :" إِذَا ذُكِرْتُ ذُكِرْتَ مَعِي " (٢).
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ - ﷺ - قَالَ :" سَأَلْتُ اللَّهَ مَسْأَلَةً وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ سَأَلْتُهُ ذَكَرْتُ رُسُلَ رَبِّي فَقُلْتُ : يَا رَبِّ، سَخَّرْتَ لِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ، وَكَلَّمْتَ مُوسَى فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : أَلَمْ أَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَيْتُكَ وَضَالًّا فَهَدَيْتُكَ وَعَائِلًا فَأَغْنَيْتُكَ ؟ قَالَ : فَقُلْتُ : نَعَمْ. فَوَدِدْتُ أَنْ لَمْ أَسْأَلْهُ " (٣).
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - :" سَأَلْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ مَسْأَلَةً، وَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ سَأَلْتُهُ إِيَّاهَا، قُلْتُ : يَا رَبِّ، إِنَّهُ قَدْ كَانَ قَبْلِي رُسُلٌ مِنْهُمْ مَنْ كَانَ يُحيِي الْمَوْتَى، وَمِنْهُمْ مَنْ سَخَّرْتَ لَهُ الرِّيحَ. قَالَ : أَلَمْ أَجِدْكَ ضَالًّا فَهَدَيْتُكَ ؟. قُلْتُ : بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ : أَلَمْ أَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَيْتُكَ ؟ قُلْتُ : بَلَى يَا رَبِّ قَالَ : أَلَمْ أَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ؟ أَلَمْ أَضَعْ عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ ؟ أَلَمْ أَرْفَعْ لَكَ ذِكْرَكَ ؟ قُلْتُ : بَلَى يَا رَبِّ " قَالَ : فَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ سَأَلْتُهُ " (٤)
وعَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ، وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ قَالَ : لَا أُذْكَرُ إِلَّا ذُكِرْتَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ : يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ ذِكْرَهُ عِنْدَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ، وَالْآذَانِ، وَيُحْتَمَلُ : ذِكْرُهُ عِنْدَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَعِنْدَ الْعَمَلِ بِالطَّاعَةِ وَالْوُقُوفِ عَنِ الْمَعْصِيَةِ " (٥)

(١) - جَامِعُ الْبَيَانِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ لِلطَّبَرِيِّ (٣٤٨٣٩ ) صحيح
(٢) - صَحِيحُ ابْنِ حِبَّانَ (٣٤٥١ ) حسن
(٣) - الْمُسْتَدْرَكُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ لِلْحَاكِمِ(٣٩٠٥ ) صحيح
(٤) - وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - :" سَأَلْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ مَسْأَلَةً، وَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ سَأَلْتُهُ إِيَّاهَا، قُلْتُ : يَا رَبِّ، إِنَّهُ قَدْ كَانَ قَبْلِي رُسُلٌ مِنْهُمْ مَنْ كَانَ يُحيِي الْمَوْتَى، وَمِنْهُمْ مَنْ سَخَّرْتَ لَهُ الرِّيحَ. قَالَ : أَلَمْ أَجِدْكَ ضَالًّا فَهَدَيْتُكَ ؟. قُلْتُ : بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ : أَلَمْ أَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَيْتُكَ ؟ قُلْتُ : بَلَى يَا رَبِّ قَالَ : أَلَمْ أَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ؟ أَلَمْ أَضَعْ عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ ؟ أَلَمْ أَرْفَعْ لَكَ ذِكْرَكَ ؟ قُلْتُ : بَلَى يَا رَبِّ " قَالَ : فَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ سَأَلْتُهُ "
(٥) - دَلَائِلُ النُّبُوَّةِ لِلْبَيْهَقِيِّ (٢٩٩٢) صحيح


الصفحة التالية
Icon