ومناسبتها لما قبلها - أنه ذكر هناك خلق الإنسان فى أحسن تقويم، وذكر هنا خلق الإنسان من علق، إلى أنه ذكر هنا من أحوال الآخرة ما هو كالشرح والبيان لما سلف. (١)
وذكر تعالى في هذه السورة من أحوال الآخرة بيانا توضيحيا لما ذكر في السورة السالفة.
كانت سورة « التين » مواجهة للإنسان فى خلقه القويم، الجليل، الذي خلقه اللّه عليه، وأن هذا الإنسان إذا استطاع أن يحتفظ بهذا الخلق الكريم، كان فى أعلى عليين.. أما إذا لم يحسن سياسة هذا الخلق، ولم يحسن تدبيره فإنه يهوى إلى أسفل سافلين.
وتبدا سورة « العلق » بهذه الواجهة مع الإنسان فى أعلى منازله، وأكرم وأشرف صورة له، وهو رسول اللّه « محمد » صلوات اللّه وسلامه عليه، مدعوّا من ربه إلى أكمل كمالات الإنسان، وأكرم ما يتناسب مع كماله وشرفه، وهو القراءة، التي هى مجلى العقل، ومنارة هديه ورشده.
وبهذا تكون المناسبة جامعة بين السورتين، ختاما، وبدءا. (٢)
ما اشتملت عليه السورة :
* سورة العلق وتسمي (سورة إقرأ) مكية وهي تعالج القضايا الآتية :
أولا : موضوع بدء نزول الوحي على خاتم الأنبياء محمد ( - ﷺ - ).
ثانيا : موضوع طغيان الإنسان بالمال، وتمرده على أوامر الله جل وعلا ثالثا : قصة الشقي " أبي جهل " ونهيه الرسول( - ﷺ - )، عن الصلاة وما نزل في حقه
* إبتدات السورة ببيان فضل الله على رسوله الكريم، بإنزاله هذا القران " المعجزة الخالدة " عليه، وتذكيره بأول النعماء، وهو يتعبد ربه بغار حراء، حيث تنزل عليه الوحي بآيات الذكر الحكيم [ إقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. إقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان مالم يعلم ]. ثم تحدثت عن طغيان الإنسان في هذه الحياة بالقوة والثراء، وتمرده على أوامر الله، بسبب نعمة الغنى، وكأن الواجب عليه أن يشكر ربه على أفضاله، لا أن يجحد النعماء، وذكرته بالعودة إلى ربه لينال الجزآء [ كلا إن الإنسان ليطغى، أن رأه استغنى، إن إلى ربك الرجعى
* ثم تناولت قصة الشقى " أبي جهل " فرعون هذه الأمة، الذي كان يتوعد الرسول( - ﷺ - ) ويتهدده، وينهاه عن الصلاه، انتصارا للأوثان والأصنام [ أرايت الذي ينهى٥عبدا إذا صلى ] الآيات.
(٢) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١٥ / ١٦٢١)