إنها هزة عنيفة للقلوب الغافلة. هزة يشترك فيها الموضوع والمشهد والإيقاع اللفظي. وصيحة قوية مزلزلة للأرض ومن عليها؛ فما يكادون يفيقون حتى يواجههم الحساب والوزن والجزاء في بضع فقرات قصار!
وهذا هو طابع الجزء كله، يتمثل في هذه السورة تمثلاً قوياً.. (١)
سبب نزولها :
كان الكفار يسألون كثيرا عن الساعة ويوم الحساب، فيقولون : أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ ؟ [القيامة ٧٥/ ٦]. مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ؟ [الملك ٦٧/ ٢٥]. مَتى هذَا الْفَتْحُ ؟ (٢) [السجدة ٣٢/ ٢٨] ونحو ذلك، فأبان لهم في هذه السورة علامات القيامة فحسب، ليعلموا أن علم ذلك عند اللَّه، ولا سبيل إلى تعيين ذلك اليوم للعرض والحساب والجزاء.
فضلها :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ : أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ -، فَقَالَ : أَقْرِئْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - : اقْرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَوَاتِ الرَّاءِ، فَقَالَ الرَّجُلُ : كَبِرَتْ سِنِّي، وَاشْتَدَّ قَلْبِي، وَغَلُظَ لِسَانِي، قَالَ : اقْرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَوَاتِ حم، فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ الأُولَى، فَقَالَ : اقْرَأْ ثَلاثًا مِنَ الْمُسَبِّحَاتِ، فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، فَقَالَ الرَّجُلُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقْرِئْنِي سُورَةً جَامِعَةً، فَأَقْرَأَهُ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - : إِذَا زُلْزِلَتْ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا، فَقَالَ الرَّجُلُ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لاَ أَزِيدُ عَلَيْهِ أَبَدًا، ثُمَّ أَدْبَرَ الرَّجُلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - : أَفْلَحَ الرُّوَيْجِلُ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا يُقِيمُهُ " (٣)
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو. قَالَ: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ - ﷺ -. فَقَالَ : أَقْرِئْنِي يَا رَسولَ اللهِ. قَالَ لَهُ : اقْرَأْ ثَلاَثًا مِنْ ذَاتِ ( آلر) فَقَالَ الرَّجُلُ : كَبِرَتْ سِنِّي، وَاشْتَدَّ قَلْبِي، وَغَلُظَ لِسَانِي. قَالَ : فَاقْرَأْ مِنْ ذَاتِ (حم) فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ الأُولَى. فَقَالَ : اقْرَأْ ثَلاَثًا مِنَ الْمُسَبِّحَاتِ. فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ. فَقَالَ الرَّجُلُ : وَلَكِنْ أَقْرِئْنِي، يَا رَسُولَ اللهِ، سُورَةً جَامِعَةً. فَأَقْرَأَهُ :"إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ) حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهَا. قَالَ الرَّجُلُ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لاَ أَزِيدُ عَلَيْهَا أَبَدًا. ثَُم أَدْبَرَ الرَّجُلُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - : أَفْلَحَ الرُّوَيْجِلُ، أَفْلَحَ الرُّوَيْجِلُ. ثَُمَّ قَالَ : عَلَيَّ بِهِ، فَجَاءَهُ، فَقَالَ لَهُ : أُمِرْتُ بِيَوْمِ الأَضْحَى، جَعَلَهُ اللهُ عِيدًا لِهَذِهِ الأُمَّةِ. فَقَالَ الرَّجُلُ : أَرَأَيْتَ إِنْ لمْ أَجِدْ إِلاَّ مَنِيحَةَ ابْنِي، أَفَأُضَحِّي بِهَا ؟ قَالَ : لاَ. وَلَكِنَّكَ تَأْخُذُ مِنْ شَعَْرِكَ، وَتُقَلِّمُ أَظْفَارَكَ، وَتَقُصُّ شَارِبَكَ، وَتَحْلِقُ عَانَتَكَ، فَذَلِكَ تَمَامُ أُضْحِيَتِكَ عِنْدَ اللهِ. (٤)
(٢) - أي متى الفتح الذي تعدوننا به، وهو يوم البعث الذي يقضي اللَّه فيه بين عباده ؟
(٣) - المستدرك للحاكم (٣٩٦٤) حسن
(٤) - المسند الجامع - (١١ / ٤١٦) (٨٦٥٧) وسنن أبى داود(١٤٠١) ومسند أحمد ( ٦٧٣٢) حسن