عَبْدٍ وَأَمَةٍ بِمَا عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا أَنْ تَقُولَ : عَمِلَ كَذَا، أَوْ كَذَا فِي يَوْمِ كَذَا، وَكَذَا فَذَلِكَ أَخْبَارُهَا " (١)
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - هَذِهِ الآيَةَ (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا) قَالَ « أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارُهَا ». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ « فَإِنَّ أَخْبَارَهَا أَنْ تَشْهَدَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ بِمَا عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا تَقُولُ عَمِلَ يَوْمَ كَذَا كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَخْبَارُهَا » (٢).
وعن رَبِيعَةَ الْجُرَشِيِّ، أِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ -، قَالَ : اسْتَقِيمُوا وَنِعِمَّا إِنِ اسْتَقَمْتُمْ، وحَافِظُوا عَلَى الْوُضُوءِ، فَإِنَّ خَيْرَ عَمَلِكُمُ الصَّلاةُ، وتَحَفَظُّوا مِنَ الأَرْضِ فَإِنَّهَا أُمُّكُمْ، وَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ عَامِلٍ عَلَيْهَا خَيْرًا أَوْ شَرًّا إِلا وَهِي مُخْبِرَةٌ." (٣)
وقال الطبري : إن هذا تمثيل، والمراد أنها تنطق بلسان الحال، لا بلسان المقال.
ثم أبان اللَّه تعالى مصدر هذه الواقعة، فقال : بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها أي تحدّث أخبارها بوحي اللَّه وإذنه لها بأن تتحدث وتشهد. فقوله : أَوْحى لَها أي أذن لها وأمرها، أو أوحى إليها أي ألهمها.
يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ أي في هذا اليوم المضطرب وفي يوم الخراب المدمر، يصدر الناس من قبورهم إلى موقف الحساب، مختلفي الأحوال، فبعضهم آمن، وبعضهم خائف، وبعضهم بلون أهل الجنة، وبعضهم بلون أهل النار، ليريهم اللَّه أعمالهم معروضة عليهم. هذا ما يراه بعض المفسرين كالشوكاني. فالصدر على هذا الرأي : هو قيامهم للبعث بعد أن كانوا مدفونين في الأرض، وأَشْتاتاً فرقا مؤمن وكافر وعاص، سائرون إلى العرض، ليروا أعمالهم.
وقال آخرون كابن كثير : يرجعون عن موقف الحساب أشتاتا، أي أنواعا وأصنافا، ما بين شقي وسعيد، مأمور به إلى الجنة، ومأمور به إلى النار، ليجازوا بما عملوه في الدنيا من خير وشر، فيكون المراد بقوله : لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ ليروا جزاء أعمالهم وهو الجنة والنار، ولهذا قال :
فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ أي فمن يعمل في الدنيا وزن نملة صغيرة أو هباء لا يرى إلا في ضوء الشمس، والمراد أي عمل مهما كان صغيرا، فإنه يجده يوم القيامة في كتابه، ويلقى جزاءه، فيفرح به، أو يراه بعينه معروضا عليه. وكذلك من يعمل في الدنيا أي شيء من الشر ولو كان حقيرا أو قليلا، يجد جزاءه يوم القيامة، فيسوؤه. والذرّ كما تقدم : ما يرى في شعاع الشمس من الهباء، أو هو النملة الصغيرة.

(١) - المستدرك للحاكم (٣٩٦٥) حسن لغيره
(٢) - سنن الترمذى(٣٦٧٧ ) قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وهو حسن لغيره
(٣) - المعجم الكبير للطبراني - (٤ / ٤٥٥) (٤٤٦٢) حسن


الصفحة التالية
Icon