ونظير الآية قوله تعالى : وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ، فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً، وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ، أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ [الأنبياء ٢١/ ٤٧] وقوله سبحانه : وَوُضِعَ الْكِتابُ، فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ، وَيَقُولُونَ : يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً ولا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها، وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً، وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [الكهف ١٨/ ٤٩].
وفي صحيح البخاري عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ قَالَ سَمِعْتُ عَدِىَّ بْنَ حَاتِمٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - يَقُولُ « اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ » (١).
وعَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - النَّارَ فَأَعْرَضَ وَأَشَاحَ ثُمَّ قَالَ « اتَّقُوا النَّارَ ». ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ كَأَنَّمَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا ثُمَّ قَالَ « اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ ». (٢)
وعَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ - أَنَّهُ ذَكَرَ النَّارَ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا وَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ ثَلاَثَ مِرَارٍ ثُمَّ قَالَ « اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ ». (٣)
وفي الصحيح عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ قَالَ لِىَ النَّبِىُّ - ﷺ - « لاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ ». (٤)
وعَنْ عَقِيلِ بْنِ طَلْحَةَ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو جُرَيٍّ الْهُجَيْمِيُّ، قَالَ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَعَلِّمْنَا شَيْئًا يَنْفَعُنَا اللَّهُ بِهِ، فقَالَ : لاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَاءِ الْمُسْتَسْقِي، وَلَوْ أَنْ تُكَلِّمَ أَخَاكَ، وَوَجْهُكَ إِلَيْهِ مُنْبَسِطٌ وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الإِزَارِ، فَإِنَّهُ مِنَ الْمَخِيلَةِ، وَلاَ يُحِبُّهَا اللَّهُ وَإِنِ امْرُؤٌ شَتَمَكَ بِمَا يَعْلَمُ فِيكَ، فَلاَ تَشْتُمْهُ بِمَا تَعْلَمُ فِيهِ، فَإِنَّ أَجْرَهُ لَكَ، وَوَبَالَهُ عَلَى مَنْ قَالَهُ. (٥)
وعَنْ أَبِي جُرَيٍّ الْهُجَيْمِيِّ، أَتَيْتُ النَّبِيَّ - ﷺ - عَلَى قَعُودٍ لِي شَدَدْتُهُ بِالْمَسْجِدِ، وَدَخَلْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللهِ - ﷺ - فِي بُرْدَتَيْنِ لَهُ، فَقُلْتُ: عَلَيْكَ السَّلَامُ، فَقَالَ: " عَلَيْكَ السَّلَامُ تَحِيَّةُ الْمَوْتَى "، فَقُلْتُ: إِنَّا قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْبَدْوِ، وَفِينَا جَفَاءٌ، لِتُعَلِّمَنِي مِمَّا عَلَّمَكَ اللهُ، قَالَ: " لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ

(١) - صحيح البخارى (١٤١٧ )
(٢) - صحيح مسلم (٢٣٩٦)
(٣) - صحيح مسلم -(٢٣٩٧ )
(٤) - صحيح مسلم (٦٨٥٧ )
(٥) - صحيح ابن حبان - (٢ / ٢٨١) (٥٢٢) حسن
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ : الأَمْرُ بِتَرْكِ اسْتِحْقَارِ الْمَعْرُوفِ أَمْرٌ قُصِدَ بِهِ الإِرْشَادُ وَالزَّجْرُ عَنْ إِسْبَالِ الإِزَارِ زَجْرُ حَتْمٍ لِعِلَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَهِيَ الْخُيَلاَءُ، فَمَتَى عُدِمَتِ الْخُيَلاَءُ، لَمْ يَكُنْ بِإسْبَالِ الإِزَارِ بَأْسٌ وَالزَّجْرُ عَنِ الشَّتِيمَةِ إِذَا شُوتِمَ الْمَرْءُ، زَجْرٌ عَنْهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَقَبْلَهُ، وَبَعْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يُشْتَمْ.


الصفحة التالية
Icon