٢٥... غَسَّاقًا... صديدا
٢٦... جَزَاءً وِفَاقًا... جزاء موافقا لأعمالهم
٢٧... لا يَرْجُونَ... لا يعتقدون بالحساب
المعنى الإجمالي:
بعد أن نبه عباده إلى هذه الظواهر الباهرة، ولفت أنظارهم إلى آياته القاهرة، أخذ يبين ما اختلفوا فيه ونازعوا فى إمكان حصوله وهو يوم الفصل، ويذكر لهم بعض ما يكون فيه تخويفا لهم من الاستمرار على التكذيب بعد ما وضحت الأدلة واستبان الحق، ثم أبان لهم أن هذا يوم شأنه عظيم وأمر الكائنات فيه على غير ما تعهدون، ثم ذكر منزلة المكذبين الذين جحدوا آيات اللّه واتخذوها هزوا، وأن جهنم مرجعهم الذي ينتهون إليه، وأنهم سيقيمون فيها أحقابا طوالا لا يجدون شيئا من النعيم والراحة، ولا يذوقون فيها روحا ينفّس عنهم حر النار، ولا يذوقون من الشراب إلا الماء الحارّ والصديد الذي يسيل من أجسادهم، جزاء سيىء أعمالهم، إذ هم كانوا لا ينتظرون يوم الحساب، ومن ثم اقترفوا السيئات، وارتكبوا مختلف المعاصي، وكذبوا الدلائل التي أقامها اللّه على صدق رسوله أشد التكذيب، وقد أحصى اللّه كل شىء فى كتاب علمه، فلم يغب عنه شىء صدر منهم، وسيوفيهم جزاء ما صنعوا، وستكون له كلمة الفصل، فيقول لهم :« فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً » (١).
والمعنى : قروا واعترفوا بأن اللّه قد جعل الأرض مستقرا ومهادا لكم، وجعل الجبال في الأرض كالأوتاد لإرسائها كما يرسى البيت من الشعر بالعمد والأوتاد. وقد خلقناكم ذكرا وأنثى ليتسنى التناسل والتوالد. وينتظم أمر الحياة فيها. وقد جعلنا - أى : الذات الأقدس - نومكم كالموت يقطع طول العناء وكثرة التعب : فالنوم أحد الموتتين، على أنه نعمة من نعم اللّه الكبرى، فإن نوم ساعات يريح القوى، ويجدد النشاط، ويعيد القوة والحيوية للإنسان، وقد جعلنا الليل كاللباس لأنه يستر الأشخاص بظلمته.
يا سبحان اللّه في الظلمة خير!! وفي النور خير، إذ للناس في ظلام الليل مصالح وفوائد فكما أن اللباس يقي من الحر والبرد، ويستر العورات، كذلك يستتر فيه الفار من العدو، أو الحيوان المفترس، ويستعد فيه الكامن للوثوب : وربما كان فرصة لقضاء بعض حوائج الناس، وقد جعلنا النهار حياة، ووقتا لتحصيل المعاش فيه يستيقظ الناس لمعاشهم، وفيه يتقلبون لقضاء حوائجهم ومكاسبهم ففي النهار الحياة، وفي الليل النوم والسكون، وقد خلقنا فوقكم سبعا شدادا، أى : سبع سموات قوية محكمة لا يختل نظامها، ولا يضعف بناؤها، وقد جعلنا

(١) - تفسير المراغي - (١ / ٥٣٦٦)


الصفحة التالية
Icon