أما زيارة القبور، فمباحة بالآداب الشرعية، بأن يبدأ الزائر السلام على صاحب القبر عند رأسه، ثم يتجه إلى القبلة ويدعو اللَّه عز وجل بالرحمة والمغفرة للميت ولنفسه وللمسلمين،
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - يَوْمًا وَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْمَقَابِرِ فَأَمَرَنَا فَجَلَسْنَا ثُمَّ تَخَطَّا إِلَى الْقُبُورِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَبْرٍ مِنْهَا فَجَلَسَ إِلَيْهِ فَنَاجَاهُ طَوِيلًا ثُمَّ ارْتَفَعَ نَحِيبُ رَسُولِ اللهِ - ﷺ - بَاكِيًا فَبَكَيْنَا لِبُكَاءِ رَسُولِ اللهِ - ﷺ - ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - أَقْبَلَ إِلَيْنَا فَلَقِيَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ: مَا الَّذِي أَبْكَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ لَقَدْ أَبْكَانَا وَأَفْزَعَنَا، فَأَخَذَ - ﷺ - بِيَدِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَوْمَأَ إِلَيْنَا فَأَشَارَ فَقَالَ: " أَفْزَعَكُمْ بُكَائِي ؟ " فَقُلْنَا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ. فَقَالَ - ﷺ - :" إِنَّ الْقَبْرَ الَّذِي رَأَيْتُمُونِي عِنْدَهُ قَبْرُ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ، وَإِنِّي اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي زِيَارَتِهَا فَأَذِنَ لِي، ثُمَّ اسْتَأْذَنْتُهُ فِي الِاسْتِغْفَارِ لَهَا فَلَمْ يَأْذَنْ لِي ". فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ ﴾ [التوبة: ١١٣] كَذَلِكَ حَتَّى تَقَصَّى الْآيَاتِ كُلَّهَا: ﴿ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ ﴾ [التوبة: ١١٤] فَأَخَذَنِي مَا يَأْخُذُ الْوَلَدُ لِوَالِدِهِ فِي الرِّقَةِ فَذَاكَ الَّذِي أَبْكَانِي، أَلَا إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، وَأَكْلِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ، لِيَسَعَكُمْ، وَعَنْ نَبِيذِ الْأَوْعِيَةِ، فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُزَهِّدُ فِي الدُّنْيَا وَتُذَكِّرُ الْآخِرَةَ، وَكُلُوا لُحُومَ الْأَضَاحِيِّ وَأَبْقُوا مِنْهَا مَا شِئْتُمْ فَإِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ أَنَّ الْخَيْرَ قَلِيلٌ تَوْسِعَةً عَلَى النَّاسِ، أَلَا وَإِنَّ كُلَّ وِعَاءٍ لَا يُحَرِّمُ شَيْئًا، كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ " (١)
وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - خَرَجَ يَوْمًا، فَخَرَجْنَا مَعَهُ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْمَقَابِرِ، فَأَمَرَنَا فَجَلَسْنَا، ثُمَّ تَخَطَّى الْقُبُورَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَبْرٍ مِنْهَا فَجَلَسَ إِلَيْهِ، فَنَاجَاهُ طَوِيلاً، ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - بَاكِيًا، فَبَكَيْنَا لِبُكَاءِ رَسُولِ اللهِ - ﷺ -، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا، فَتَلَقَّاهُ عُمَرُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَالَ : مَا الَّذِي أَبْكَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَدْ أَبْكَيْتَنَا وَأَفْزَعْتَنَا ؟ فَأَخَذَ بِيَدِ عُمَرَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا، فَقَالَ : أَفْزَعَكُمْ بُكَائِي ؟ قُلْنَا : نَعَمْ، فَقَالَ : إِنَّ الْقَبْرَ الَّذِي رَأَيْتُمُونِي أُنَاجِي قَبْرُ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي الاِسْتِغْفَارَ لَهَا، فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، فَنَزَلَ عَلَيَّ :﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة :]، فَأَخَذَنِي مَا يَأْخُذُ الْوَلَدُ لِلْوَالِدِ مِنَ الرِّقَةِ، فَذَلِكَ الَّذِي أَبْكَانِي. أَلاَ وَإِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، فَزُورُوهَا، فَإِنَّهَا تُزَهِّدُ فِي الدُّنْيَا وَتُرَغِّبُ فِي الآخِرَةِ." (٢)
وعَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ - قَرِيبًا مِنْ أَلْفِ رَاكِبٍ، فَنَزَلَ بِنَا وَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ، فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَفَدَاهُ بِالأُمِّ وَالأَبِ، يَقُولُ : مَا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - ؟ قَالَ : إِنِّي اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي الاسْتِغْفَارِ لأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي،
(٢) - صحيح ابن حبان - (٣ / ٢٦١) (٩٨١) صحيح