عَنْ سَعِيدِ بْنِ نَشِيطِ، أَنَّ قُرَّةَ بْنَ هُبَيْرَةَ الْعَامِرِيَّ، قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ -، فَأَسْلَمَ، فَلَمَّا كَانَ عَامُ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ -، وَهُوَ عَلَى نَاقَةٍ قَصِيرَةٍ، فَقَالَ :" يَا قُرَّةُ "، فَقَالَ النَّاسُ : يَا قُرَّةُ. فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ -، فَقَالَ :" كَيْفَ قُلْتَ لِي حِينَ أَتَيْتَنِي تُسْلِمُ ؟ "، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ -، كَانَ لَنَا أَرْبَابٌ، وَرَبَّاتٌ مِنْ دُونَ اللَّهِ، نَدْعُوهُمْ فَلَا يُجِيبُونَنَا، وَنَسْأَلُهُمْ فَلَا يُعْطَونَنَا، فَلَمَّا بَعَثَكَ اللَّهُ، أَجَبْنَاكَ وَتَرَكْنَاهُمْ. ثُمَّ أَدْبَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - :" قَدْ أَفْلَحَ مَنْ رُزِقَ لُبًّا "، وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ، وَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ -، وَعُمْرُهُ، ثُمَّ قَالَ عَمْرُو :" فَأَقْبَلْتُ حَتَّى مَرَرْتُ عَلَى مُسَيْلِمَةَ، فَأَعْطَانِي الْأَمَانَ، ثُمَّ قَالَ لِي : إِنَّ مُحَمَّدًا أُرْسِلَ فِي جَسِيمِ الْأَمْرِ، وَأُرْسِلْتُ أَنَا فِي الْمُحَقَّرَاتِ. فَقُلْتُ : اعْرِضْ عَلَيَّ شَيْئًا مِمَّا تَقُولُ ؟ فَقَالَ : يَا ضِفْدَعُ نَقِّي، فَإِنَّكِ نِعْمَ مَا تَنُقِّينَ، لَا وَارِدًا تُنَفِّرِينَ، وَلَا مَاءً تُكَدِّرِينَ. ثُمَّ قَالَ : يَا دَبْرُ يَا دَبْرُ (١)، يَدَانِ وَصَدْرٌ، وَسَائِرُ خَلْقِهِ حَفْرٌ وَنَفْرٌ. ثُمَّ أَتَاهُ أُنَاسٌ يَخْتَصِمُونَ إِلَيْهِ فِي نَخْلٍ قَطَعَهَا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، فَتَسَجَّى بِقَطِيفَةٍ، ثُمَّ كَشَفَ رَأْسَهُ، وَقَالَ : وَاللَّيْلِ الْأَدْهَمَ، وَالذِّئْبِ الْأَضْخَمِ، مَا جَانَبُوا أَبَا مُسْلِمٍ مِنْ مُحْرِمٍ. ثُمَّ تَسَجَّى الثَّانِيَةَ، فَقَالَ : وَاللَّيْلِ الدَّامِسِ، وَالذِّئْبِ الْهَامِسِ، مَا حُرْمَتُهُ رَطْبًا إِلَّا كَحُرْمَتِهِ يَابِسِ. قُومُوا فَمَا أَرَى عَلَيْكُمْ فِيمَا صَنَعْتُمْ بَأْسًا، فَقُلْتُ : أَمَا وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ. قَالَ : فَتَوَعَّدَنِي، ثُمَّ قَالَ : يَا قُرَّةُ بْنَ هُبَيْرَةَ، فَمَا فَعَلَ صَاحِبَكُمْ ؟ قُلْتُ : إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَ لَهُ مَا عِنْدَهُ عَلَى مَا عِنْدَنَا فَتَوَفَّاهُ. قَالَ : لَا أُصَدِّقُ أَحَدًا مِنْكُمْ بَعْدَهُ. فَلَقِيتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يُرْسِلَنِي إِلَى قَوْمِهِ، مِنْ أَجْلِ مَا سَمِعْتُ مِنْهُ، فَأَتَيْتُهُمْ، فَأَخْرَجَ لِي كِتَابًا مِنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ قَدْ أَدَّى الصَّدَقَةَ. فَقُلْتُ : مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا قُلْتَ ؟ قَالَ : حَمَلَنِي أَنَّهُ كَانَ لِي مَالٌ وَوَلَدٌ، فَتَخَوَّفْتُ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَأَنَا أَرَدْتُ بِكَلِمَتِي أَنِّي قُلْتُ لَا أُصَدِّقُ أَحَدًا مِنْكُمْ بَعْدَهُ، يَقُولُ : إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ " (٢)
وعَنْ أَبِي مَدِينَةٍ الدَّارِمِيِّ، قَالَ : كَانَ الرَّجُلَانِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - ﷺ - إِذَا التَقَيَا، ثُمَّ أَرَادَا أَنْ يَفْتَرِقَا، قَرَأَ أَحَدُهُمَا : وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ حَتَّى يَخْتِمَهَا، ثُمَّ يُسَلِّمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ. " (٣)
- - - - - - - - - - -
(٢) - مَسَاوِئُ الْأَخْلَاقِ لِلْخَرَائِطِيِّ (١٦٨ ) فيه جهالة
(٣) - الزُّهْدُ أَبِي دَاوُدَ (٤٠٢ ) والْمُعْجَمُ الْأَوْسَطُ لِلطَّبَرَانِيِّ (٥٢٨١ ) صحيح