٢٧... رَأَوْهُ زُلْفَةً... رأو العذاب قريبا منهم (١)
البلاغة :
أَمَّنْ هذَا الَّذِي استفهام إنكار.
وفي قوله « أفمن يمشي مكبّا على وجهه أهدى أم من يمشي سويّا على صراط مستقيم » استعارة تمثيلية وهو مثل للمؤمن والكافر، فالكافر أعمى لا يهتدي إلى الطريق بل يمشي متعسفا فلا يزال يتعثر وينكب على وجهه والمؤمن صحيح البصر يمشي في طريق واضحة مستقيمة سالما من العثور والخرور على وجهه. وهكذا تتجلى طريقة القرآن في التجسيد. (٢)
غُرُورٍ، نُفُورٍ سجع مرصع لمراعاة رؤوس الآيات.
المناسبة :
بعد أن أورد اللّه تعالى البرهان الأول على كمال قدرته وهو تمكين الطيور من الطيران، وبّخ المشركين على عبادة الأصنام، وردّ على اعتقادهم شيئين أو أمرين : وهما القوة في الأعوان، وجلب الخير من الأصنام، ثم أورد تعالى برهانين آخرين على كمال قدرته : وهما خلق الناس وحواسهم، وتكاثر الخلق واستمرارهم وتوزيعهم في الأرض ثم حشرهم إليه. ثم ذكر شيئين قالهما الكفار لمحمد - ﷺ - لما أمره ربه بتخويفهم بعذاب اللّه وهما مطالبته بتعيين وقت العذاب، ودعاؤهم عليه وعلى المؤمنين بالهلاك، وهذا الأخير موضع الفقرة التالية.
فتكون البراهين الثلاثة على كمال قدرة اللّه هي الاستدلال أولا بأحوال الطيور من الحيوانات، ثم الاستدلال بصفات الإنسان وهي السمع والبصر والعقل وحدوث ذاته، ثم الاستدلال بضمان تكاثر الخلق وحفظ النوع الإنساني وتوزيعه في أنحاء الأرض والحشر يوم القيامة.

(١) - كلمات القرآن للشيخ غازي الدروبي - (٢٢ / ١)
(٢) - صفوة التفاسير ـ للصابونى - (٣ / ٣٨٢) وإعراب القرآن وبيانه ـ موافقا للمطبوع - (١٠ / ١٥٩)


الصفحة التالية
Icon