المعنى العام :
بعد أن أبان للمشركين عجائب قدرته فيما يشاهدونه من أحوال الطير، ووبخهم على ترك التأمل فيها - أردفه بتوبيخهم على عبادتهم غيره تعالى يبتغون منه نصرا ورزقا، منكرا عليهم ما اعتقدوه، مبينا لهم أنهم لا يصلون إلى ما أمّلوه، وإلا فليبينوا هذا الناصر والمعين والرازق إذا هو أمسك رزقه.
أما وقد وضح الحق لذى عينين فهم فى لجاج وعناد بعد وضوح الحجة وتبين المحجة، ثم ضرب مثلا يبين حالى المشرك والموحّد، فمثّل حال الأول بحال من يمشى منحنيا إلى الأمام على وجهه، فلا يدرى أين يسلك، ولا كيف يذهب، فيكون حائرا ضالا، ومثّل حال الثاني بحال من يمشى منتصب القامة على الطريق الواضح، فيرى ما أمامه ويهتدى إلى ما يريد.
ثم أعقب هذا بذكر الدلائل على تفرده بالألوهية بذكر خلق الإنسان فى الأرض وإعطائه نعمة السمع والبصر، وأرشد إلى أن القليل من الناس شكور لهذه النعم.
ثم أردف هذا بذكر سؤال المشركين للرسول عن ميقات البعث استهزاء به، وإجابته إياهم بأن علمه عند اللّه وليس له من علمه شىء، وإنما هو نذير مبين، وذكر أنه حين تقوم القيامة ويعرف المشركون قرب وقوع ما كانوا ينكرون تعلو وجوههم غبرة، ترهقها قترة، ويقال لهم : إن ما كنتم تستعجلون قد وقع ولا مردّ له، فماذا أنتم فاعلون ؟. (١)
أم أنهم تعاموا عن ذلك اعتدادا بأن لهم من دون اللّه قوة تحميهم ولهم آلهة من دون اللّه ترزقهم إن أمسك اللّه عنهم الرزق، فوبخهم اللّه وأنبهم على هذا الزعم الفاسد، وأنكر عليهم وجود جند لهم وأعوان يدفعون عنهم عذاب اللّه إن أراد بهم سوءا فقال : أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ (٢) لا جند لهم ولا أعوان، ما الكافرون الذين يتوهمون ذلك إلا في غرور باطل،
(٢) - - أمن هي أم الإضرابية، ومن هي للاستفهام الإنكارى.