وخداع كاذب، وأنكر عليهم اعتقادهم أن الآلهة ترزقهم إن أمسك اللّه عنهم الرزق بقوله : أمن هذا الذي يرزقكم ؟ أى : أخبرونى من هذا - والإشارة هنا للتحقير - الذي تظنون أنه يرزقكم من دون اللّه ؟!
لا أحد أبدا يرزق غيره، فإن اللّه هو الرزاق ذو القوة المتين، بل هؤلاء لجوا في عنادهم، واستمروا في عتوهم ونفورهم عن الحق.
ولقد ضرب اللّه مثلا للكفار المعاندين الموصوفين بالعتو والنفور مع مقارنتهم بالمؤمنين الذين هداهم اللّه إلى الصراط المستقيم، ولا شك أن الكافر المغرور الذي نفخ الشيطان في أنفه فامتلأ عتوّا ونفورا فهو كالماشى المكب على وجهه الذي يتعثر في كل خطوة يخطوها، أما المؤمن فهو كالسائر على طريق لاحب، أى : ممهد مستقيم، وهو منتصب القامة معتدل في المشي فأى القبيلين أهدى طريقا، وأقرب وصولا ؟
وإذا كان المشركون كذلك فهل هم معذورون أولا ؟ لا، ليسوا معذورين في شيء فاللّه خلق الخلق، وجعل لهم السمع والأبصار والأفئدة لعلهم يتجهون إلى الخير وإلى الحق : نور اللّه! ولكن قليلا ما يشكرون.
قل لهم : هو الذي خلقكم، وذرأكم في الأرض فكان منكم النسل الكثير، والتكاثر المفضى إلى الانتشار في بقاع الأرض، ولكن اعلموا أنكم إليه تحشرون، ولا غرابة في ختام هذه الآيات بالحشر فإن السورة مكية من أغراضها إثبات البعث.
وكان المشركون يسألون النبي - ﷺ - عن ميعاد البعث استهزاء به وسخرية بوعيده وإنكارا له فيقولون : متى الساعة أيها المؤمنون إن كنتم صادقين في دعواكم ؟.
ولكن اللّه رد عليهم بقوله : إنما العلم عند اللّه، أى : اللّه وحده الذي يعلم الوقت، وإنما الرسول مبلغ فقط، أما متى يكون ؟ فليس من اختصاصه.
فلما رأوا هذا اليوم الموعود، والعذاب السيئ الذي أعد لهم. لما رأوه وقد كانوا يكذبون به استاءت وجوههم، وامتلأت غيظا وهماّ، وقيل لهم تأنيبا وإيلاما : هذا


الصفحة التالية
Icon