الذي كنتم تطلبونه وتسألونه، أو هذا هو الذي كنتم تدعون بطلانه وتزعمون أنه لا يأتيكم، فها أنتم أولاء ترونه قريبا منكم، لا شك فيه الآن.
كان النبي - ﷺ - يدعوهم إلى الإيمان، ويلح في ذلك، وفي خلال هذا يسفه أحلامهم ويذم آلهتهم، وكانوا يكرهون ذلك ويستاءون له فكانوا يقولون لبعض : انتظروا فسيموت وتموت دعوته ويهدأ بالنا، وتطمئن نفوسنا. (١)
التفسير والبيان :
يرد اللّه تعالى على المشركين الذين عبدوا معه غيره، يبتغون عندهم النصر والرزق، فيقول منكرا عليهم ما اعتقدوه، ومخبرا أنهم لن يحصلوه على ما أمّلوه :
١ - « أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ ».. وإذا لم يستجب المشركون لهذه الدعوة التي يدعون فيها إلى آيات اللّه وإلى الإيمان به ـ فعلى أي شىء يعوّلون فى الخلاص من نقمة اللّه وعذابه. ألهم جند ينصرونهم من دون اللّه، ويدفعون عنهم بأسه إذا وقع بهم ؟ إنهم لمخدعون مغرورون، إن كان ذلك من أمانيّهم، ومن متعلقاتهم ظنونهم، كما يقول اللّه سبحانه وتعالى عنهم :« وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ » (١٨ : يونس). و« إن » فى قوله تعالى :« إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ » حرف يفيد النفي، بمعنى « ما » أي ما الكافرون إلا فى غرور، يحتويهم، ويشتمل عليهم.." (٢)
أي بل من هذا الجند أو العون الذي يعينكم ويمنعكم من عذاب اللّه إن أراد بكم سوءا؟!
الواقع أنه ليس لكم من دون اللّه من ولي ولا واق، ولا ناصر لكم غيره، ولهذا فإن الكافرين هم في خداع وغرور عظيم من جهة الشيطان، غرَّهم بأن العذاب لا ينزل بهم.

(١) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ٧١٨)
(٢) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١٥ / ١٠٦٨)


الصفحة التالية
Icon