قوله تعالى :« وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ ». هو معطوف على قوله تعالى :« وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ » ـ من عطف الخاص على العام.. فمما يبدو للظالمين ـ مما لم يكونوا يحتسبونه ـ هو سيئات ما كسبوا، حيث يبدو كسبهم الذي كسبوه، وعملهم الذي عملوه فى الدنيا، ضلالا فى ضلال، وسوءا إلى سوء. وخسرانا إلى خسران، مع أنهم كانوا يحسبون أن هذا الذي يعملون، هو الحق، وهو الخير.. واللّه سبحانه وتعالى يقول :« قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ».. (١٠٣ ـ ١٠٤ : الكهف) وقوله تعالى :« وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ ».. حاق بهم : أي نزل بهم، واشتمل عليهم.. وأصله من الحقّ.. ومعنى هذا، أن الحق الذي كانوا يستهزئون به قد جاء ليحاكمهم، وليقتصّ منهم لجنايتهم التي جنوها عليه، بالانتصار للباطل، ومحاربة أولياء الحق.." (١)
" ولا يفصح عما بدا لهم من اللّه ولم يكونوا يتوقعونه. لا يفصح عنه ولكنه هكذا هائل مذهل مخيف.. فهو اللّه. اللّه الذي يبدو منه لهؤلاء الضعاف ما لا يتوقعون! هكذا بلا تعريف ولا تحديد!.«وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا، وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ».. وهذه كذلك تزيد الموقف سوءا. حين يتكشف لهم قبح ما فعلوا وحين يحيط بهم ما كانوا به يستهزئون من الوعيد والنذير. وهم في ذلك الموقف الأليم الرعيب.." (٢)
ومضات عامة
قال القاسمي :". ﴿ أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ تمثيل للضالين والمهتدين. والمكب : هو المتعثر الذي يخرّ على

(١) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١٢ / ١١٧٣)
(٢) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (٥ / ٣٠٥٦)


الصفحة التالية
Icon