وجهه لوعورة طريقه، واختلاف سطحه ارتفاعاً وانخفاضاً. والذي يمشي سويّاً هو القائم السالم من العثار لاستواء طريقه، واستقامة سطحه.
قال القاضي : والمراد تمثيل المشرك والموحِّد بالسالكين، والدينين بالمسلكين. ولعل الاكتفاء بما في الكَبّ من الدلالة على حال المسلك، للإشعار بأن ما عليه المشرك لا يستأهل أن يسمى طريقاً، أي : فلذلك ذكر المسلك في الثاني دون الأول. " (١)
وقال دروزة :" في الآيتين( ٢٣- ٢٤) أمر للنبي بتوجيه الخطاب إلى الكفار في معرض التذكير والتنديد والتقرير بأن اللّه هو الذي خلقهم في البدء ووهبهم نعمة السمع والبصر والعقل مع تأنيبهم على قلة شكرهم للّه على هذه الأفضال. وبأن اللّه هو الذي كثرهم في الأرض ونمّاهم وسيحشرون إليه.
والآيتان متصلتان بما سبقهما كذلك سياقا وموضوعا. وقد انطوى في الآية الثانية تقرير قدرة اللّه على حشرهم إليه ما دام هو الذي خلقهم وكثّرهم في الأرض. " (٢)
" وفي الآية الأولى(٢٥)حكاية لتساؤل الكفار تساؤلا يتضمّن معنى الإنكار والاستخفاف عن موعد تحقيق وعد البعث والحساب والعذاب الأخروي إذا كان ذلك حقا وصدقا. وفي الثانية (٢٦) أمر للنبي بإجابتهم بأن علم ذلك عند اللّه، وأنه ليس إلّا نذيرا للبيان والتبليغ.
والآيتان أيضا متصلتان سياقا وموضوعا بما سبقهما. وأسلوب الآيتين والآيتين اللتين قبلهما قد يلهم أن هذه الآيات وما قبلها حكاية أو تسجيل لموقف حجاجي وجاهي بين النبي والكفار أو تعقيب عليه."
وفي الآية (٢٧) جاءت في معرض توكيد تحقيق وعد اللّه ووصف حالة الكفار حينئذ : فلسوف يرون تحقيق هذا الوعد أقرب مما يظنون. وحينئذ تتجهّم وجوههم هلعا من العاقبة. ويقال لهم هذا هو مصداق وعد اللّه الذي كنتم تنكرونه
(٢) - التفسير الحديث لدروزة - (٥ / ٣٨١)