وتتعجلونه تعجّل الساخر الجاحد. والآية متصلة بالسياق كما هو واضح. وقد تضمنت إنذارا وتعنيفا وردّا." (١)
قال الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية (٢) : أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى :
هذا مثل ضربه اللّه للمؤمن والكافر، فالكافر مثله فيما هو فيه، كمثل من يمشى مكبا على وجهه، أى : يمشى منحنيا لا مستويا على وجهه، أى : لا يدرى أين يسلك، ولا كيف يذهب، بل هو تائه حائر ضال، أهذا أهدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا أى : منتصب القامة عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ أى على طريق واضح بين، وهو في نفسه مستقيم وطريقه مستقيمة. هذا مثلهم في الدنيا، وكذلك يكونون في الآخرة، فالمؤمن يحشر يمشى سويا على صراط مستقيم.. وأما الكافر فإنه يحشر يمشى على وجهه إلى النار..
وروى الإمام أحمد عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - قَالَ « يُحْشَرُ النَّاسُ ثَلاَثَةَ أَصْنَافٍ صِنْفاً مُشَاةً وَصِنْفاً رُكْبَاناً وَصِنْفاً عَلَى وُجُوهِهِمْ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَمْشُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ فَقَالَ « إِنَّ الَّذِى أَمْشَاهُمْ عَلَى أَقْدَامِهِمْ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُمْ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَمَّا إِنَّهُ يَتَّقُونَ بِكُلِّ حَدَبٍ وَشَوْكٍ » (٣)..
وعَن أَنَسٍ، قال : قيل يا رسول الله كيف يحشر الناس على وجوههم يوم القيامة ؟ قال : الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم." (٤)
وقال الجمل : هذا مثل للمؤمن والكافر، حيث شبه - سبحانه - المؤمن في تمسكه بالدين الحق، ومشيه على منهاجه، بمن يمشى في الطريق المعتدل، الذي ليس فيه ما يتعثر به.. وشبه الكافر في ركوبه ومشيه على الدين الباطل، بمن يمشى في الطريق الذي فيه حفر وارتفاع وانخفاض، فيتعثر ويسقط على وجهه، وكلما
(٢) - تفسير ابن كثير ج ٨ ص ٢٠٨.
(٣) - مسند أحمد - المكنز - (٨٩٨٩) حسن -الحدب : الغليظ من الأرض فى ارتفاع
(٤) - مسند البزار كاملا - (٢ / ٣٤٢) (٧٢٢٠) صحيح