اللَّهِ. وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ».. وظيفتي الإنذار، ومهمتي البيان. أما العلم فعند صاحب العلم الواحد بلا شريك.
وبينما هم يسألون في شك ويجابون في جزم، يخيل السياق القرآني كأن هذا اليوم الذي يسألون عنه قد جاء، والموعد الذي يشكون فيه قد حان وكأنما هم واجهوه الآن. فكان فيه ما كان :«فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا، وقيل : هذا الذي كنتم به تدعون»! فقد رأوه قريبا مواجها لهم حاضرا أمامهم دون توقع ودون تمهيد. فسيئت وجوههم، وبدا فيها الاستياء.
ووجه إليهم التأنيب :«وَقِيلَ : هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ».. هذا هو حاضرا قريبا. وهو الذي كنتم تدعون أنه لن يكون!
وهذه الطريقة في عرض ما سيكون تتكرر في القرآن، لمواجهة حالة التكذيب أو الشك بمفاجأة شعورية تصويرية تقف المكذب أو الشاك وجها لوجه مع مشهد حاضر لما يكذب به أو يشك فيه.
ثم هي في الوقت ذاته تصور حقيقة. فهذا اليوم كائن في علم اللّه أما خط الزمن بينه وبين البشر فهو قائم بالقياس إلى البشر. وهي مسألة نسبية لا تمثل الحقيقة المجردة كما هي في حساب اللّه. ولو أذن اللّه لرأوه اللحظة كما هو في علم اللّه. فهذا الانتقال المفاجئ لهم من الدنيا إلى الآخرة، ومن موقف الشك والارتياب إلى موقف المواجهة والمفاجأة، يشير إلى حقيقة قائمة لو أذن اللّه بها لا نكشفت لهم. في الوقت الذي يصور لهم هذه الحقيقة تصويرا يهز مشاعرهم. " (١)
ما يستفاد من الآيات
يستدل بالآيات على ما يأتي :
١- تقرير حقيقة ثابتة وهي أن الكافر يعيش في غرور كامل ولذا يرفض دعوة الحق.
٢- تقرير حقيقة ثابتة وهي إنحراف الكافر وضلاله وإستقامة المؤمن وهدايته.

(١) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (٦ / ٣٦٣٩)


الصفحة التالية
Icon