٦- ولما كان الركونُ إلى الدنيا والغفلةُ عن الآخرةِ من أعظمِ الأسبابِ في وهن النفوس وضعفها كان لا بدَّ من التذكيرِ المستمرِّ بذلك اليوم، وما فيه من نعيمٍ أو جحيمٍ، لأنَّ في هذا التذكير أكبرَ الأثر في نشاط الهممِ وعدم الاستسلامِ للوهنِ واليأسِ رجاءَ ثواب اللهِ (عزَّ وجلَّ) وما أعدَّهُ للمجاهدين في سبيله الداعين إليه.
٧- ولمَّا قلَّ في برامجِ الدعوةِ والتربيةِ الاعتناءُ بهذه الجانب العظيمِ من التربية مما له الأثرُ الكبيرُ في الاستقامةِ على الجادة، والدعوةِ إلى الله على بصيرةٍ، ولكنْ نرى من بعضِ المهتمينَ بالدعوة من يستهينُ بهذا الجانبِ العظيمِ حتى صارَ بعضُهم يقللُ من أثرِ التذكرةِ بالآخرة بقوله: إن هذا الأمرَ يغلبُ عليه الوعظُ أو هذا مقالٌ عاطفيٌّ وعظيٌّ... إلخ.. مع أنَّ المتأملَ لكتابِ الله (سبحانه) وسنَّةِ رسوله - ﷺ - يرَى بجلاءٍ جانبَ الوعظِ بارزاً بالربطِ بين الدنيا والآخرةِ والثوابِ والعقابِ.. نسأل اللهَ أن يهدينا جميعاً، وأنْ يوفقَنا للاقتداءِ بالسنَّةِ والسيرِ على نهجِها.
إنَّ في اليقين باليوم الآخر وأنبائه العظيمة لآثاراً واضحةً وثماراً طيبةً، لابدَّ أن تظهر في قلب العبد وعلى لسانه وجوارحه، وفي حياته كلِّها، ولكنَّ هذا اليقين وحده لا يكفي حتى ينضمَّ إليه الصبر ومجاهدة الشهوات والعوائقِ، لأن الواحد منا ـ مع يقينهِ باليوم الآخر وأهواله ـ يرى في حياته أن ثمراتِ هذا اليقين ضعيفةٌ، فلابد إذن من سببٍ لهذا الأمر. (١)
****************