أصلاً شريكاً له في العبودية، وهو كقوله تعالى :﴿ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ ﴾ [ الواقعة : ٦٨ ]، أي : بل هو الذي أنزله وسلكه ينابيع ؛ رحمة بالعباد، فله الحمد. (١)
وقال دروزة :
" في هذه الآيات أمر للنبي - ﷺ - بتوجيه سؤال استنكاري للكفار عما إذا كان يستطيع أحد أن يجيرهم من عذاب اللّه وبلائه الشديد إن مات النبي - ﷺ - ومن معه قبل نزوله عليهم أو رحمهم حين نزوله. وعمن يستطيع أن يأتيهم بالماء الدائم الظاهر إذا ما أصبح ماؤهم غائرا في الأرض. وأمر له أيضا بإعلان إيمانه وإيمان من معه إيمانا مطلقا باللّه وتوكلهم عليه وحده وبإنذار الكفار بأنهم لن يلبثوا حتى يعرفوا من الفريقين المهتدي ومن هو المرتكس في الضلالة.
والآيات متصلة أيضا بما سبقها سياقا وموضوعا. وفيها توكيد لما تلهمه الآيات [٢٣ و٢٤ و٢٥ و٢٦] من الموقف الحجاجي الوجاهي الذي قام بين النبي - ﷺ - والكفار والتعقيب عليه كما هو المتبادر. وقد جاءت خاتمة لهذا الموقف أو التعقيب وخاتمة للسورة في الوقت ذاته.
ولقد قال بعض المفسرين إن الآية الأولى تضمنت ردّا على الكفار الذين كانوا يتربّصون بموت النبي - ﷺ - ويتمنونه حتى يخلصوا منه وهو ما حكته إحدى آيات سورة الطور السابقة. وقد لا يخلو القول من وجاهة. ولكن التأويل الذي أوّلناها به هو الذي تبادر لنا أنه الأوجه. واللّه أعلم. " (٢)
وفي التفسير الوسيط :
" والمراد بالهلاك : الموت، وبالرحمة : الحياة والنصر بدليل المقابلة، وقد منح اللّه - تعالى - نبيه العمر المبارك النافع، فلم يفارق - ﷺ - الدنيا إلا بعد أن بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ودخل الناس في دين اللّه أفواجا، وكانت كلمته هي العليا. "
(٢) - التفسير الحديث لدروزة - (٥ / ٣٨٣)