وكلمات اللّه تمثل العلم الإلهي الذي لا حدود له، والذي لا يدرك البشر نهايته بل لا يستطيعون تلقيه وتسجيله. فضلا على محاكاته.
ولقد يدرك البشر الغرور بما يكشفونه من أسرار في أنفسهم وفي الآفاق، فتأخذهم نشوة الظفر العلمي، فيحسبون أنهم علموا كل شي ء، أو أنهم في الطريق! ولكن المجهول يواجههم بآفاقه المترامية التي لا حد لها، فإذا هم ما يزالون على خطوات من الشاطئ، والخضم أمامهم أبعد من الأفق الذي تدركه أبصارهم!
إن ما يطيق الإنسان تلقيه وتسجيله من علم اللّه ضئيل قليل، لأنه يمثل نسبة المحدود إلى غير المحدود.
فليعلم الإنسان ما يعلم وليكشف من أسرار هذا الوجود ما يكشف.. ولكن ليطامن من غروره العلمي، فسيظل أقصى ما يبلغه علمه أن يكون البحر مدادا في يده. وسينفد البحر وكلمات اللّه لم تنفد ولو أمده اللّه ببحر مثله فسينتهي من بين يديه وكلمات اللّه ليست إلى نفاد.. وفي ظل هذا المشهد الذي يتضاءل فيه علم الإنسان ينطلق الإيقاع الثالث والأخير في السورة، فيرسم أعلى أفق للبشرية - وهو أفق الرسالة الكاملة الشاملة. فإذا هو قريب محدود بالقياس إلى الأفق الأعلى الذي تتقاصر دونه الأبصار، وتنحسر دونه الأنظار" (١)
==============
الثمرة الثانية - كلُّ جيل من أجيال المسلمين يفتح الله تعالى عليهم بقدر، لفهم كتابه وكشف بعض أسراره حتى يكون القرآن مواكبا لحياة المسلمين في كل زمان ومكان ليأخذ بهم إلى بر الأمان.
===============
الثمرة الثالثة - لا بد من الاعتقاد الجازم أن مالك الملك هو الله وحده.
وينتج عن ذلك عدة أمور :

(١) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (٤ / ٢٢٩٦)


الصفحة التالية
Icon