الأول- أننا جميعاً عبيد لله تعالى وحده، فعلينا السمع والطاعة له، قال تعالى :﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (١٦) سورة التغابن
وقال تعالى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ{ [الحجرات : ١ ]
تأمل البداية كيف تكرّرت النداءات لأهل الإيمان، للفت الانتباه لشيء مهم يجب إطراق السمع له -ثم بدأ- السياق العذب يؤسس العلاقة المتينة المبنية على القناعة والتعظيم للشخص الذي يُستمد منه هذا الدين، وهذا له دلاله مهمة فالمتلقي لهذا القرآن وهذا الدين سيأخذه من شخص معين معروف بصفته وباسمه وشخصه، إذاً لا بد من ملء نفوس أتباعه بطاعته واتّباعه وحماية ما جاء به والدفاع عنه، ولا يمكن أن يتمكن هذا في نفوسهم حتى يحبوه.
لذلك جاء الأمر خاصًا وعامًا، خاصًا لمن هم في عصره وعايشوه وعرفوه باسمه وشخصه، وأخذوا هذا الدور منه مشافهة، إذاً لا بد من إيضاح الطريق لهم للتعامل معه - ﷺ - لذلك جاءت النداءات في صدر هذه السورة. وخطاب عام لمن عرفوه باسمه وصفته ولم تكتحل أعينهم برؤيته - ﷺ - وهم الذين دخلوا في الإسلام بعد ذلك إلى يوم القيامة؛ لأنه عندما انتهى دوره على مسرح الحياة بعدما بلّغ الرسالة كاملة غير منقوصة، وبعد ما رضي الله هذا الدين بعد إتمامه وكماله.. (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً) [المائدة: من الآية٣] جرى عليه -بأبي هو وأمي - ﷺ - ما جرى على الخلق، وذاق الكأس التي ذاقها الأنبياء من قبله، وكذلك الخلق وهو الرحيل عن هذه الدنيا، فغاب جسده وجسمه وشكله، وبقي هدْيه - ﷺ -.
والذي يريد أن يعتنق هذا الدين بعد رحيله - ﷺ -، لابد أن يؤمن ويقبل بمسلمات غيبيّة -دون اعتراض- لأنها قطعية الثبوت والدلالة، وهنا تكمن عظمة هذا الدين.


الصفحة التالية
Icon