الثاني - أننا محتاجون إلى مدد الله وعطائه ورحمته دائما لا نستغني عنها لحظة. قال تعالى :﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ (١٥) سورة فاطر
" يا أيها البشر جميعا، أنتم المحتاجون إلى اللّه تعالى على الإطلاق، في منح القدرة على الحياة والبقاء، وفي جميع الحركات والسكنات، وفي جميع أمور الدين والدنيا، لذا فاعبدوه وحده لأن ثمرة العبادة عائدة إليكم وحدكم، واللّه هو المنفرد بالغنى وحده لا شريك له عن عبادتكم وغيرها، وهو المحمود المشكور على نعمه وعلى جميع ما يفعله ويقوله ويقدره ويشرعه. وذكر الْحَمِيدُ ليدل به على أنه الغني النافع بغناه خلقه، الجواد المنعم عليهم، المستحق بإنعامه عليهم أن يحمدوه. " (١)
" وفى قوله تعالى :« يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ » دعوة للناس أن يتجهوا بحاجاتهم إلى من يملك كل شىء، ومن بيده الخير كله.. والناس جميعا فى حاجة دائمة إلى من يعينهم، ويقضى حوائجهم، وهم يتوسلون إلى هذا بكثير من الوسائل، ومنها عبادة الأصنام، والملائكة والجنّ، والملوك وأصحاب الجاه والسلطان، يبغون بذلك الخير منهم.. وكلهم إنما يتناولون ما بين أيديهم من جاء، أو سلطان، أو مال ـ من عطاء اللّه.. إنهم فقراء إلى اللّه..
إن حبس عنهم العطاء، كانوا أفقر الفقراء، وأضعف الضعفاء.. وإذن فالناس جميعا ـ غنيّهم وفقيرهم ـ فقير إلى اللّه.. « كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً » (٢٠ : الإسراء) وقوله تعالى :« وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ » حثّ للناس على الطلب من اللّه، والرغب إليه فيما عنده.. فإنه سبحانه غنىّ، لا تنفذ خزائنه، ولا تنقص بالعطاء أبدا.. « وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ » (٣٢ : النساء) فهو سبحانه يستجيب لمن سأله، ويعطيه ما شاء من فضله.. وهو سبحانه « حميد » أي يحمد لعباده ما يلقون به عطاءه، من حمد وشكر، أيّا كان هذا العطاء، قليلا أو كثيرا..