الاتزان هو الطابع الدائم للحياة في غير ظل الإسلام مهما التمعت بعض الجوانب ومهما تضخمت بعض الجوانب. فإنما تلتمع لتنطفئ جوانب أخرى.
وإنما تتضخم على حساب الجوانب الأخرى.. والبشرية معها تتأرجح وتحتار وتشقى (١)
===============
الثمرة الحادية عشرة - الذين لا يسمعون لهدي السماء دواب
ولفظ «الدواب» يشمل الناس فيما يشمل، فهم يدبون على الأرض، ولكن استعماله يكثر في الدواب من الأنعام، فيلقي ظله بمجرد إطلاقه ويخلع على «الصم البكم الذين لا يعقلون» صورة البهيمة في الحس والخيال! وإنهم لكذلك! إنهم لدواب بهذا الظل. بل هم شر الدواب! فالبهائم لها آذان ولكنها لا تسمع إلا كلمات مبهمة ولها لسان ولكنها لا تنطق أصواتا مفهومة. إلا أن البهائم مهتدية بفطرتها فيما يتعلق بشؤون حياتها الضرورية.
أما هؤلاء الدواب فهم موكولون إلى إدراكهم الذي لا ينتفعون به. فهم شر الدواب قطعا! «إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ».
«وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ».. أي لأسمع قلوبهم وشرحها لما تسمعه آذانهم.. ولكنه - سبحانه - لم يعلم فيهم خيرا ولا رغبة في الهدى (٢)
وقال تعالى :﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ (٥٥) سورة الأنفال
إن كفر هؤلاء الكافرين الذين وصفوا بأنّهم شرّ الدّوابّ عند اللّه.. إنما يتلبس بنفوس خاصّة، من جماعة من الكافرين، لا بكلّ الكافرين.. وتلك الجماعة هى التي من شأنها ألا تخلع هذا الكفر أبدا، بل تشدّ قلوبها عليه، حتى تموت به!
(٢) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ١٤٩٣)