منها الحيوان.. ووضعوا لهم ذلك الشر كله تحت عنوانات براقة من «التقدم» و«التطور» و«العلمانية» و«العلمية» و«الانطلاق» و«التحرر» و«تحطيم الأغلال» و«الثورية» و«التجديد»... إلى آخر تلك الشعارات والعناوين.. وأصبح «المسلمون» بالأسماء وحدها مسلمين. ليس لهم من هذا الدين قليل ولا كثير.
وباتوا غثاء كغثاء السيل لا يمنع ولا يدفع، ولا يصلح لشيء إلا أن يكون وقودا للنار.. وهو وقود هزيل!..
ولكن أعداء هذا الدين - بعد هذا كله - لم يستطيعوا تبديل نصوص هذا الكتاب ولا تحريفها. ولم يكونوا في هذا من الزاهدين. فلقد كانوا أحرص الناس على بلوغ هذا الهدف لو كان يبلغ، وعلى نيل هذه الأمنية لو كانت تنال! ولقد بذل أعداء هذا الدين - وفي مقدمتهم اليهود - رصيدهم من تجارب أربعة آلاف سنة أو تزيد في الكيد لدين اللّه. وقدروا على أشياء كثيرة.. قدروا على الدس في سنة رسول اللّه - ﷺ - وعلى تاريخ الأمة المسلمة. وقدروا على تزوير الأحداث ودس الأشخاص في جسم المجتمع المسلم ليؤدوا الأدوار التي يعجزون عن أدائها وهم سافرون. وقدروا على تحطيم الدول والمجتمعات والأنظمة والقوانين.
وقدروا على تقديم عملائهم الخونة في صورة الأبطال الأمجاد ليقوموا لهم بأعمال الهدم والتدمير في أجسام المجتمعات الإسلامية على مدار القرون، وبخاصة في العصر الحديث..
ولكنهم لم يقدروا على شيء واحد - والظروف الظاهرية كلها مهيأة له -.. لم يقدروا على إحداث شيء في هذا الكتاب المحفوظ، الذي لا حماية له من أهله المنتسبين إليه وهم بعد أن نبذوه وراء ظهورهم غثاء كغثاء السيل لا يدفع ولا يمنع فدل هذا مرة أخرى على ربانية هذا الكتاب، وشهدت هذه المعجزة الباهرة بأنه حقا تنزيل من عزيز حكيم.
لقد كان هذا الوعد على عهد رسول اللّه - ﷺ - مجرد وعد. أما هو اليوم - من وراء كل تلك الأحداث الضخام ومن وراء كل تلك القرون الطوال. فهو


الصفحة التالية
Icon