ويهدي للتي هي أقوم في تبني الديانات السماوية جميعها والربط بينها كلها، وتعظيم مقدساتها وصيانة حرماتها فإذا البشرية كلها بجميع عقائدها السماوية في سلام ووئام. (١)
================
الثمرة الرابعة عشرة - أهمية القصة في القرآن الكريم وطريقة عرضها.
قصص الأنبياء في القرآن يمثل موكب الإيمان في طريقه الممتد الواصل الطويل. ويعرض قصة الدعوة إلى اللّه واستجابة البشرية لها جيلا بعد جيل كما يعرض طبيعة الإيمان في نفوس هذه النخبة المختارة من البشر، وطبيعة تصورهم للعلاقة بينهم وبين ربهم الذي خصهم بهذا الفضل العظيم.. وتتبع هذا الموكب الكريم في طريقه اللاحب يفيض على القلب رضى ونورا وشفافية ويشعره بنفاسة هذا العنصر العزيز - عنصر الإيمان - وأصالته في الوجود. كذلك يكشف عن حقيقة التصور الإيماني ويميزه في الحس من سائر التصورات الدخيلة.. (٢)
والقصة تقطع إلى مشاهد حية، تموج بالحركة وبالحوار، وتزخر بالانفعالات والسمات، وتتخللها التوجيهات إلى مواضع العبرة في السياق، وتكشف عن طبيعة المعركة بين الدعوة إلى «رَبِّ الْعالَمِينَ» وبين الطواغيت المتسلطة على عباد اللّه، المدعية للربوبية من دون اللّه، كما تتجلى روعة العقيدة حين تستعلن، فلا تخشى سلطان الطواغيت، ولا تحفل التهديد والوعيد الشديد.. (٣)
إن للقرآن طريقة موحدة في التعبير ؛ يتخذها في أداء جميع الأغراض على السواء، حتى أغراض البرهنة والجدل. تلك هي طريقة التصوير التشخيصي بوساطة التخييل والتجسيم.
فلننظر الآن في تقويم هذه الطريقة، من حيث هي طريقة فنية من طرق الأداء - وذلك هو مجال بحثنا في هذا الكتاب -، فالأهداف الدينية التي جاء القرآن

(١) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (٤ / ٢٢١٥)
(٢) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (١ / ٥٥)
(٣) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ١٣٤٤)


الصفحة التالية
Icon