والأرض والسماء، والشمس والقمر. والجبال والوديان. والدور العامرة. والآثار الدائرة. والنبات والحيوان. والأشجار والأفنان كل أولئك أحياء. أو مشاهد تخاطب الأحياء. فليس هناك جامد ولا ميت بين الجوامد والأشياء !
تلك طريقة القرآن. وإنها لفن قائم وحده إزاء المعاني والأغراض وهو في أفقه الرفيع، كفاء تلك المعاني، وصنو هذه الأغراض. (١)
===============
الثمرة الخامسة عشرة - الحكمة من ضرب الأمثال في القرآن الكريم.
قال تعالى :﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ (٢٥) سورة إبراهيم
وقال تعالى :﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (٣٥) سورة النور
وضرب الأمثال والأشباه في القرآن الكريم يراد به كشف الغوامض، وتنبيه الأذهان إلى الحقائق، وإبانة المصالح، وتقرير الحكم البالغة، وهو من الأمور المستحسنة في العقول والتربية والتعليم. وأما الذين كفروا فيجادلون في الحق بعد ما تبيّن، ويمارون بالبرهان وقد تعيّن، فيخرجون من الموضوع، ويعرضون عن الحجة. (٢)
وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ، وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ أي هذا المثل وأشباهه في القرآن الكريم، يضربها للناس تقريبا لأفهامهم، وتوضيحا لما التبس عليهم، وما
(١) - التصوير الفني في القرآن- طريقة القرآن في عرض القصة
(٢) - التفسير المنير ـ موافقا للمطبوع - (١ / ١١٣)


الصفحة التالية
Icon