وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ، وَعَلَامَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا ؛ فَمَنْ يَتَأَوَّلُ مِنْهَا غَيْرَ ذَلِكَ، فَقَدْ قَالَ بِرَأْيِهِ، وَأَخْطَأَ حَظَّهُ، وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ، وَتَكَلَّفَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ ". (١)
وفي البحر المديد :"أي : وجعلنا فيها فائدة أخرى، هي : رجم أعدائكم الذي يُخرجونكم من النور إلى الظلمات، بانقضاض الشُهب المقتَبسة منها، فيأخذ المَلك شعلة من نار الكوكب، ويضرب بها الجني، فيقتله، أو يخبِّله، فيرجع غُولاً يُفزع الناسَ، وأمّا الكواكب فلا تزول عن أماكنها ؛ لأنها قارّة في الفلك" (٢)
ومضات عامة
قال القاشانيّ : الملك عالَم الأجسام، كما أن الملكوت عالم النفوس ؛ ولذلك وصف ذاته باعتبار تصريفه عالم الملك، بحسب مشيئته بالتبارك، الذي هو غاية العظمة، ونهاية الازدياد في العلوّ والبركة، وباعتبار تسخيره عالم الملكوت، بمقتضى إرادته بالتسبيح، الذي هو التنزيه، كقوله ﴿ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [ يس : ٨٣ ]، كلاً بما يناسبه، لأن العظمة والازدياد والبركة تناسب الأجسام، والتنزه يناسب المجردات عن المادة. فمعنى ﴿ تَبَارَكَ ﴾ تعالى وتعاظم، الذي يتصرف في عالم الملك بيد قدرته، لا يتصرف فيه غيره فبيده كل ما وجد من الأجسام، لا بيد غيره، يصرفها كما يشاء، وهو القادر على كل ما عدم من الممكنات، يوجدها على ما يشاء.
وقال القاشانيّ : الموت والحياة من باب العدم والملكة، فإن الحياة هي الإحساس والحركة الإرادية ولو اضطرارية كالتنفس. والموت عدم ذلك عما من شأنه أن يكون له، وعدم الملكة ليس عدماً محضاً، بل فيه شائبة الوجود. والألم يعتبر فيه المحل القابل للأمر الوجوديّ، فلذلك صح تعلق الخلق به، كتعلقه بالحياة، وجعل الغرض من خلقهما بلاء الْإِنْسَاْن في حسن العمل وقبحه، أي : العلم التابع للمعلوم الذي يترتب عليه الجزاء، وهو العلم الذي يظهر على المظاهر الْإِنْسَاْنية بعد

(١) - جَامِعُ الْبَيَانِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ لِلطَّبَرِيِّ (٣١٩٤٤ ) صحيح
(٢) - البحر المديد ـ نسخة محققة - (٨ / ١١٠)


الصفحة التالية
Icon