وهذا السؤال تقريعى وتوبيخى للواردين على جهنم.. لأنهم ما وردوا جهنم إلا لمخالفتهم النذير، أي الرسول الذي أرسله اللّه تعالى إليهم، لينذرهم عذاب هذا اليوم، فكذبوا الرسول، ولم يؤمنوا بما جاءهم به من عند اللّه.. ولو أنهم اتبعوا هذا النذير ما وردوا جهنم.. وهذا يعنى أنه لا يعذّب إلا من بلغتهم رسالة رسل اللّه، ثم خالفوها، ولم يقبلوا ما دعوا إليه منها.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :« وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا » (١٥ : الإسراء)..
وفى قوله تعالى :« كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ » وفى التعبير عن سوق الكافرين إلى جهنم بالإلقاء فى هذا ما يشير إلى هوان هؤلاء المجرمين، وعدم احترام آدميتهم، وأنهم إنما يعاملون معاملة الأشياء المستغنى عنها، من النفايات والفضلات، حيث نطرح بعيدا بغير حساب، فتقع حيث تقع، غير ملتفت إليها."
فيجيبهم الكفار بقولهم من ناحيتين :
١ - « قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ » هو جواب الواردين على النار، لما سئلوا عنه من زبانية جهنم بقولهم :« أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ » ؟ فكان جوابهم : بلى! أي قد جاءنا نذير، ولكن كذبنا بهذا النذير، وقلنا ما نزل اللّه من شىء، أي من كتب، وما أرسل من رسل..
وقوله تعالى :« إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ » يجوز أن يكون من جواب أهل النار، ومن مقولاتهم للمنذرين الذين جاءوهم، حيث كذبوهم، ثم رموهم بالضلال الكبير، الذي لا يخفى أمره على أحد.. ويجوز أن يكون هذا تعقيبا من زبانية جهنم على ما سمعوه من جواب أهل النار.. و« إن » نافية بمعنى « ما »، أي ما أنتم إلا فى ضلال كبير.."
أي أجاب الكفار قائلين : بلى جاءنا رسول من عند اللّه ربنا، فأنذرنا وخوّفنا، لكنا كذبنا ذلك النذير، وقلنا له : ما نزّل اللّه من شيء على لسانك، ولم يوح إليك بشيء من أمور الغيب وأخبار الآخرة والشرائع التي أمرنا اللّه بها.


الصفحة التالية
Icon