« فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ ».. أي أن هؤلاء المعذّبين بنار جهنم، قد شهدوا على أنفسهم أنهم كانوا ظالمين، وأنهم أهل لهذا العذاب الذي هم فيه.. وقوله تعالى :« فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ » دعاء عليهم بالبعد من رحمة اللّه ورضوانه، يرميهم به كل لسان.. ناطق أو صامت، فى هذا الوجود.. "
أي فأقروا معترفين بما صدر عنهم من ذنب استحقوا به عذاب النار، وهو الكفر وتكذيب الأنبياء، فبعدا لهم من اللّه ومن رحمته. وهذا بيان بالجريمة ثم العقاب.
عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، قَالَ : أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ النَّبِيَّ - ﷺ - يَقُولُ :" لَنْ يَهْلَكَ النَّاسُ حَتَّى يَعْذِرُوا، أَوْ يُعْذِرُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ " (١)
ومضات عامة
﴿ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ ﴾ أي : جماعة من الكفرة ﴿ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ﴾ أي : في الدنيا ينذركم هذا العذاب. قال في " الإكليل " : استدل به على أنه لا تكليف قبل البعثة. (٢)
تنبيهان :
الأول : قال الناصر : لو تفطن نبيهٌ لهذه الآية لعدّها دليلاً على تفضيل السمع على البصر، فإنه قد استدل على ذلك بأخفى منها.
الثاني : قال ابن السمعانيّ في " القواطع " : استدل به من قال بتحكيم العقل.
وقال الزمخشريّ : قيل : إنما جمع بين السمع والعقل، لأن مدار التكليف على أدلة السمع والعقل (٣)
وقال دروزة :" وفي هذه الآيات إنذار للكافرين باللّه وآياته : فلهم أيضا عذاب جهنم وبئست هي مصيرهم. وحينما يقبلون عليها سيرونها في حالة تبعث الرعب والفزع حيث يكون لها صوت مرعب من شدّة فورانها وتكاد تتشقّق وتتفجّر من الغليان أو سخطا على الكفار. وكلما ألقي فيها فوج منهم سألهم الموكلون بها
(٢) - محاسن التأويل تفسير القاسمي - (١٢ / ٤٩٨)
(٣) - محاسن التأويل تفسير القاسمي - (١٢ / ٤٩٩)