عن الناس، بالكف عن المعاصي والقيام بالطاعات، حيث لا يراهم أحد إلا اللّه تعالى، هؤلاء لهم مغفرة عظيمة يغفر اللّه بها ذنوبهم، وثواب جزيل، وهو الجنة.
ثبت في الصحيحين عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - ﷺ - قَالَ « سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِى ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ إِمَامٌ عَدْلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِى عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِى الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِى اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ». (١).
وعَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - ﷺ -، قَالَ: " حُرِّمَ عَلَى عَيْنَيْنِ أَنْ تَنَالَهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ " (٢)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَفَعَهُ قَالَ : لاَ يَدْخُلُ النَّارَ عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ وَلاَ يَجْتَمِعُ دُخَانُ جَهَنَّمَ وَغُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللهِ فِي مَنْخِرَيْ عَبْدٍ، أَوْ قَدَمِ مُسْلِمٍ." (٣)
ثم نبّه اللّه تعالى على أنه مطّلع على الضمائر والسرائر، فقال « وَ أَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ » ـ هو بيان شارح، ودعوة إلى الإيمان بالغيب، الذي أشار إليه قوله تعالى :« إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ».. أي أن سبحانه وتعالى، عالم بما نحفى وما نعلن، مطلع على ما نعمل فى سر أو جهر.. وإذن فليكن سلطان اللّه مشهودا لنا فى كل حال.. وأنه إذا كنا لا نجاهر بالمنكر أمام الناس، فكيف نجاهر بالمعاصي أمام اللّه ؟
فليس فيما نفعل أو نقول، سرّ بالنسبة إلى اللّه سبحانه، بل كل أعمالنا وأقوالنا، هى جهر منّا بين يديه، على أية حال لنا.. « سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ
(٢) - شعب الإيمان - (٦ / ٩٩)(٣٩٣٠ )
(٣) - مسند الطيالسي -(٢٥٦٥) صحيح