عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - يَقُولُ:" لَوْ تَوَكَّلْتَ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ رُزِقْتَ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُوا خِمَاصًا، وَتَرُوحُ بِطَانًا "
وَفِي رِوَايَةِ " لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا " (١)
فأثبت لها غدوّا ورواحا، لطلب الرزق، مع توكلها على اللّه عز وجل، وهو المسخّر المسيّر المسبّب.
وَرُوِيَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، أَتَى عَلَى قَوْمٍ فَقَالَ: " مَا أَنْتُمْ ؟ " فقَالُوا: نَحْنُ الْمُتَوَكِّلُونَ، فقَالَ: " بَلْ أَنْتُمُ الْمُتَّكِلُونَ، أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالْمُتَوَكِّلِينَ ؟ رَجُلٌ أَلْقَى حَبَّةً فِي بَطْنِ الْأَرْضِ، ثُمَّ تَوَكَّلَ عَلَى رَبِّهِ "، وَقَوْلُهُ " الْمُتَّكِلُونَ " - يَعْنِي عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ – (٢)
ويكون المراد من الآيتين هذه وما قبلها تهديد الكافرين بأن اللّه عالم بسرهم وجهرهم، وأنه هو المنعم المتفضل عليهم بما يسّر لهم من خيرات الأرض، فاحذروا عقابه، فكأنه تعالى قال : أيها الكفار اعلموا أني عالم بسركم وجهركم، فكونوا خائفين مني، محترزين من عقابي، فقد أسكنتكم في هذه الأرض التي ذلّلتها لكم، وجعلتها سببا لنفعكم ورزقكم، وإني إن شئت خسفت بكم هذه الأرض، وأنزلت عليها من السماء أنواع المحن.
ومضات عامة
قال في " الإكليل " : في قوله تعالى :﴿ فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ﴾ الأمر بالتسبب والكسب
وقال ابن كثير : في الآية تذكير بنعمته تعالى على خلقه في تسخيره لهم الأرض، وتذليله إياها لهم، بأن جعلها ساكنة لا تميد ولا تضطرب بما جعل فيها من الجبال
أي: لو تعلمون يقينا أنه لا فاعل إلا الله و أنّ كل موجود من خلق ورزق وعطاء ومنع من الله ثم تسعون في الطلب على الوجه الجميل (المشروع) لرزقكم (الاتحاف) ٩/٣٨٨
(٢) - شعب الإيمان - (٢ / ٤٢٩) فيه جهالة