، وأنبع فيها من العيون، وسلك فيها من السبل، وهيَّأ فيها من المنافع، ومواضع الزرع والثمار. والمعنى : سافِروا حيث شئتم من أقطارها، وترددوا في أقاليمها وأرجائها في أنواع المكاسب والتجارات (١)
وفال دروزة :" إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١٢). احتوت هذه الآية بيان مصير المؤمنين الذي يتّقون اللّه وعذابه المغيّب عنهم مقابلة لبيان مصير الكفار جريا على الأسلوب القرآني. فإنّ لهم من ربّهم المغفرة والأجر الكبير. وفي الآية بشرى وتطمين وتثبيت للمؤمنين في الوقت نفسه. " (٢)
وقال عن الآيتين التاليتين :" المتبادر أن الخطاب في الآية الأولى موجّه للمكذبين، وفي الآيات والحالة هذه عود على بدء إلى التنديد بالكفار وإنذارهم.
وقد تضمنت الأولى تحديا لهم : فسيّان عند اللّه أن تسروا ما تقولون أو تجهروا به فهو عليم به لأنه عليم بكل ما يجول في صدور الناس وأفكارهم.
وتضمنت الثانية حجّة برهانيّة على ذلك : فاللّه هو الذي خلق الناس ومن الطبيعيّ أن يعلم أعمالهم وما يدور في أفكارهم وما تخفيه صدورهم. وهو اللطيف الذي يعرف دقائق الأمور، الخبير الذي لا يعزب عن علمه شي ء." (٣)
في الآية : هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (١٥).
١ - تذكير بفضل اللّه على الناس بما كان من تسخيره الأرض وتيسيره الانتفاع بخيراتها ليسعوا في مناكبها ويأكلوا من رزقه.
٢ - وتقرير بأن مرجع الناس إليه ليحاسبهم على أعمالهم.
وواضح أن الآية استمرار للآيات السابقة سياقا وموضوعا.
(٢) - التفسير الحديث لدروزة - (٥ / ٣٧٨)
(٣) - التفسير الحديث لدروزة - (٥ / ٣٧٨)