رفعها، ومن الذي منعها من السقوط، ومن الذي أوجد فيها القدرة على الطيران، وللتحرك في السماء، من الذي ركبها تركيبا به تقوى على ذلك ؟ أليس هذا من عجائب صنع اللّه ؟ أعموا ولم يروا إلى الطير فوقهم صافات أجنحتهن تارة، ويقبضنها تارة أخرى، ما فعل هذا إلا الرحمن الذي سهل لذلك الحيوان وسائل الطير والانتقال، كان هذا أساسا لتفكير الإنسان في الطيران، إنه بكل شيء بصير.. بسط الطائر لجناحه أساس طيرانه، وقد يبقى مستمرّا عليه ساعات، وقبضه له وهو يطير قليل الحصول، عارض متجدد. ومن هنا عبر عند البسط بقوله :« صافّات » وعند القبض بقوله :« يقبضن » (١).
أولم ينظر المشركون إلى عجيب صنع اللّه وإلى آثار قدرته الظاهرة في طيران الطائر في الهواء فيعرفوا مبلغ قدرة اللّه على إنزال العذاب بهم ؟! (٢)
التفسير والبيان :
« أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ ». مناسبة هذه الآية لما قبلها، هى أن الآية السابقة كانت دعوة موجهة من اللّه سبحانه وتعالى إلى الناس جميعا، أن يأخذوا أماكنهم من الأرض، وأن يعملوا قواهم كلها فيما أودع اللّه لهم فيها من خير، ليقطفوا من ثمارها، ويأكلوا من طيباتها.. وذلك فى قوله تعالى :« هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ».. وهذه الأرض التي مكّن اللّه سبحانه للناس من السعي فيها ـ من يمسكها أن أن تميد بهم ؟ ومن يحفظ وجودهم عليها، فلا تفتح فاها لتبتلعهم ؟ أليس ذلك من تدبير الحكيم العليم ؟ ومن رحمة الرحمن الرحيم ؟!..
فما بال هؤلاء المشركين لا يؤمنون باللّه، وقد جاءهم رسول كريم يدعوهم إلى اللّه، ويحمل بين يديه كتابا منيرا، تنطق كل آية من آياته بمعجزة قاهرة متحدّية ؟.

(١) - - هذا جواب عن سؤال حاصله : لما ذا عبر القرآن بقوله :(صافات ويقبضن) مخالفا بين اللفظين ولم يأت بهما فعلين أو اسمين ؟ ومحور الجواب أن اسم الفاعل يدل على الدوام والاستمرار والفعل يدل على الحدوث والتجدد، والصف أى : البسط كثير دائم عند الطيران، والقبض قليل غير متجدد.
(٢) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ٧١٦)


الصفحة التالية
Icon