أأمنوا أن يخسف اللّه بهم الأرض، فإذا هى « تمور » أي تضطرب وترتجف بما يحدثه هذا الخسف من انقلاب، تفقد به توازنها، وتلقى بهم من فوق ظهرها ؟ أأمنوا عذاب اللّه أن ينزل بهم وهم على هذه الأرض وقد حادّوا اللّه وحاربوه.. ؟
والمور : الاضطراب الشديد، المنبعث من رجّة عظيمة، ومنه قوله تعالى :« يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً » (٩ : الطور).. وفى قوله تعالى :« مَنْ فِي السَّماءِ » ـ إشارة إلى علوّ سلطان اللّه، وإلى تمكّنه منهم.. وليس فى هذه المكانية تحديد لوجود اللّه، وإنما هي إشارة إلى علوّ سلطانه، وتمكن قدرته." (١)
أي هل تأمنون أن يخسف أو يغور ويقلع اللّه بكم الأرض، كما خسف بقارون بعد ما جعلها لكم ذلولا تمشون في مناكبها، فإذا هي تضطرب وتتحرك وتموج بكم؟
والمراد بهذا الاستفهام الوعيد والإخبار بأنه تعالى قادر على تعذيب من كفر باللّه وأشرك معه إلها آخر. ونظير الآية قوله تعالى : قُلْ : هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ [الأنعام ٦/ ٦٥].
ولكن من لطفه ورحمته تعالى بخلقه أنه يحلم ويصفح، ويؤجل ولا يعجّل كما قال تعالى : وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ، وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً [فاطر ٣٥/ ٤٥].
ثم أتبع اللّه تعالى ذلك بوعيد آخر « أَم أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ »..
الحاصب : ما يحصب به، أي يقذف به من حصا ونحوه.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى للكافرين والمشركين :« إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ » (٩٨ : الأنبياء).. أي أنهم يلقون فيها كما يلقى الحصا.. ومنه الحصباء، وهى دقاق الحصا..