وفى الآية، تهديد للمشركين بأن يرموا من بالسماء بالصواعق والرجوم، إن لم تأخذهم الأرض بالزلازل والخسف.. فهم واقعون تحت البلاء، يأخذهم من السماء، أو يأتيهم من الأرض، أو من السماء والأرض معا.. فكيف يبيتون على أمن من هذا البلاء، وهم على عداوة ظاهرة للّه، وفى حرب سافرة معه، ومع رسوله، ومع أوليائه المؤمنين به.. ؟
وفى قوله تعالى :« فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ » تهديد بعد تهديد، بأنهم إن أمهلهم اللّه سبحانه، فلم يعجل لهم العقاب، فإن عقاب اللّه راصد لهم، إن لم يلقهم اليوم فغدا، وإن لم يأخذهم به في الدنيا، أخذهم به فى الآخرة، ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون.. " (١)
أي بل هل أمنتم ربكم اللّه الذي هو في السماء كما تزعمون، وهل أمنتم سلطانه وملكوته وقهره أن يرسل عليكم ريحا مصحوبة بحجارة من السماء، كما أرسلها على قوم لوط وأصحاب الفيل في مكة، وحينئذ تعلمون إذا عاينتم العذاب كيفية إنذاري وعقابي لمن خالف وكذب به، ولكن لا ينفعكم هذا العلم؟! ونظير الآية قوله تعالى : أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ، أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً، ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا [الإسراء ١٧/ ٧٨].
ثم ذكّر اللّه تعالى بعذاب الأمم المتقدمة مؤكدا تخويف الكفار بالمثال والبرهان، أما المثال فهو :« وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ ».. وفى هذا إلفات للمشركين إلى ما كان للّه سبحانه من نقم، ومن مهلكات أرسلها على الذين كفروا من قبلهم.. فلينظروا فى آثار هؤلاء الذين كفروا من قبلهم، وليشهدوا كيف كان أخذ اللّه لهم، بعد أن أتوا ما أنكره اللّه تعالى عليهم من منكررات.. إذ ليس وراء هذا الإنكار من اللّه، إلا الانتقام والعذاب." (٢)
(٢) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١٥ / ١٠٦٤)