﴿ذلك﴾ الذي قصصنا عليك من أمر الرُّسل لأنَّه ﴿لم يكن ربك مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ﴾ أَيْ: بذنوبهم ومعاصيهم من قبل أن يأتيهم الرَّسول فينهاهم وهو معنى قوله: ﴿وأهلها غافلون﴾ أَيْ: لكلِّ عاملٍ بطاعة الله درجات في الثَّواب ثمَّ أوعد المشركين فقال: ﴿وما ربك بغافل عما يعملون﴾
﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عما يعملون﴾
﴿وربك الغني﴾ عن عبادة خلقه ﴿ذو الرحمة﴾ بخلقه فلا يعجل عليهم بالعقوبة ﴿إن يشأ يذهبكم﴾ يعني: أهل مكَّة ﴿ويستخلف من بعدكم﴾ وينشئ من بعدكم خلقاَ آخر ﴿كما أنشأكم﴾ خلقكم ابتداءً ﴿مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ﴾ يعني: آباءهم الماضين
﴿إنما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين﴾
﴿قل يا قوم اعملوا على مكانتكم﴾ على حالاتكم التي أنتم عليها ﴿إني عامل﴾ على مكانتي وهذا أمرُ تهديدٍ يقول: اعملوا ما أنتم عاملون إنِّي عاملٌ ما أنا عَامِلٌ ﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدار﴾ أيُّنا تكون له الجنَّة ﴿إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ لا يسعد مَنْ كفر بالله وأشرك بالله
﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ﴾ كان المشركون يجعلون لله من حروثهم وأنعامهم وثمارهم ﴿نصيباً﴾ وللأوثان نصيباً فما كان للصَّنم أُنْفِقَ عليه وما كان لله أُطعم الضِّيفان والمساكين فما سقط ممَّا جعلوه لله في نصيب الأوثان تركوه وقالوا: إنَّ الله غنيٌّ عن هذا وإن سقط ممَّا جعلوه للأوثان من نصيب الله التقطوه وردُّوه إلى نصيب الصَّنم وقالوا: إنَّه فقير فذلك قوله: ﴿فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شركائهم﴾ ثمَّ ذمَّ فعلهم فقال: ﴿سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ أَيْ: ساء الحكم حكمهم حيث صرفوا ما جعلوه لله على جهة التَّبرُّز إلى الأوثان


الصفحة التالية
Icon