﴿وكلَّ إنسان ألزمناه طائره في عنقه﴾ كتبنا عليه ما يعمل من خيرٍ وشرٍّ ﴿ونخرج له﴾ ونُظهر له ﴿يوم القيامة﴾ صحيفة عمله منشورةً
﴿اقرأ كتابك﴾ أَيْ: يُقال له: اقْرَأْ كِتَابَكَ ﴿كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾ مُحاسباً يقول: كفيتَ أنت في محاسبة نفسك
﴿من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه﴾ ثواب اهتدائه لنفسه ﴿وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا﴾ على نفسه عقوبة ضلاله ﴿وَلا تَزِرُ وازرة وزر أخرى﴾ وذلك أنَّ الوليد بن المغيرة قال: اتَّبعوني وأنا أحمل أوزاركم فقال الله تعالى: ﴿وَلا تَزِرُ وازرة وزر أخرى﴾ أي: لا تحمل نفس ذنب غيرها ﴿وما كنا معذبين﴾ أحداً ﴿حتى نبعث رسولاً﴾ يُبيِّن له ما يجب عليه إقامةً للحجَّة
﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا﴾ أمرناهم على لسان رسولٍ بالطَّاعة وعنى بالمترفين: الجبَّارين والمُسلَّطين والملوك وخصَّهم بالأمر لأنَّ غيرهم تبعٌ لهم
﴿ففسقوا فيها﴾ أَيْ: تمرَّدوا في كفرهم والفسق فِي الكفر: الخروج إلى أفحشه ﴿فحقَّ عليها القول﴾ وجب عليها العذاب ﴿فدمرناها تدميراً﴾ أهلكناها إهلاك استئصال
﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا﴾
﴿من كان يريد العاجلة﴾ بعلمه وطاعته وإسلامه الدُّنيا ﴿عجلنا له فيها ما نشاء﴾ القدر الذي نشاء ﴿لمن نريد﴾ أن نعجِّل له شيئاً ثمَّ يدخل النَّار في الآخرة ﴿مذموماً﴾ ملوماً ﴿مدحوراً﴾ مطروداً لأنَّه لم يرد الله سبحانه بعمله
﴿ومن أراد الآخرة﴾ الجنَّة ﴿وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا﴾ عمل بفرائض الله ﴿وهو مؤمن﴾ لأنَّ الله سبحانه لا يقبل حسنةً إلاَّ من مؤمنٍِ ﴿فأولئك كان سعيهم مشكوراً﴾ تُضاعف لهم الحسنات
﴿كلاً﴾ من الفريقين ﴿نمدُّ﴾ نزيد ثمَّ ذكرهما فقال: ﴿هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك﴾ يعني: الدُّنيا وهي مقسومةٌ بين البرِّ والفاجر ﴿وما كان عطاء ربك محظوراً﴾ ممنوعاً في الدُّنيا من المؤمنين والكافرين ثمَّ يختصُّ المؤمنين في الآخرة