نصوصها الأصلية حتى تصح له المقارنة والحكم على الاضطراب بالقرآن، فالتوراة والإنجيل والكتب المتداولة اليوم لدى اليهود والنصارى نسخ مختلفة ومحرفة في نصوصها، فتاريخ التوراة والإنجيل وصحة نسبتهما أبعد ما يكون من الصحة والوثوق، وهذا أمر لا يخفى على المعنيين بدراستهما، لذا فلا نسلم لجولد سهر إجراء مثل هذه المقارنة بين نصر القرآن الذي لا يرقى إلى صحته شك كما قال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ «١»، وبين التوراة والإنجيل المتداولة لدى اليهود والنصارى والتي لا شك في تحريفها وعدم صحتها، والفضل بما شهدت به الأعداء، فهذا موريس بوكاي الذي ينتهي من المقارنة بين نص القرآن وبين نص التوراة والإنجيل إلى القول: (صحة القرآن التي لا تقبل الجدل تعطي النص مكانة خاصة بين كتب التنزيل ولا يشترك مع نص القرآن في هذه الصحة لا العهد القديم ولا العهد الجديد) «٢».
ويمضي موكاي قائلا: (أما ما يخص العهد القديم، فإن تعدد كتاب نفس الرواية بالإضافة إلى تعدد المراجعات لبعض الكتب على عدة فترات قبل العصر المسيحي، هو من أسباب الخطأ والتناقض، وأما فيما يخص الإنجيل، فلا يستطيع أحد أن يجزم أنها تحتوي على رواية أمينة لرسالة المسيح.. ويختلف الأمر بالنسبة إلى القرآن، فهو فور تنزيله، وأولا بأول كان النبي صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنون من حوله يتلونه عن ظهر قلب، وكان الكتبة من صحبه يدونونه، إذا فالقرآن يتمتع منذ البداية بعنصري الصحة- الحفظ والتدوين- هذين اللذين لا تتمتع بهما الأناجيل... ) «٣».
يقول جولد سهر: إن معنى الاضطراب وعدم الثبات في النص، يعنيان

(١) سورة الحجر، الآية (٩).
(٢) دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة لموريس بوكاي: ١٥١.
(٣) دراسة الكتب المقدسة لموريس بوكاي: ١٥١ - ١٥٢.


الصفحة التالية
Icon