أن النص ورد على صور مختلفة أو متضاربة لا يعرف الثبات منها، فأين موجود هذا الاضطراب وعدم الثبات؟ أفي القرآن أم في التوراة والإنجيل؟ فكما يقال:
فمن فمك أدينك، فهل تحتوي التوراة والإنجيل نصا أمينا غير محرف وغير مضطرب، إنها كلها محرفة وكلها مضطربة. وقد اطلعت على نسخة مكونة من العهد القديم والعهد الجديد، وقرأت فيها بعض النصوص، فلا يليق هذا الكلام أن ينسب إلى رب العالمين أو إلى نبي من الأنبياء «١».
أما القرآن الكريم فنصه موحد منذ نزوله على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وليس فيه شيء من الاضطراب البتة، أما القراءات المشهورة التي أشار إليها المستشرق سهر، فهي متواترة ومقطوع بصحة نسبتها إلى مصدرها الأصلي، وهو النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، والذي كان على بينة من اختلافها في النص الواحد، على أن هذا الاختلاف لا يتناول كلمة كلمة وآية آية «٢»، وقد تناولت مسألة القراءات في المبحث الأول من الفصل الثالث، فلا داعي لتكراره والحديث عنه هنا بأكثر من الذي أشرنا إليه، فليس هناك أي تضارب أو اضطراب في النص بسبب القراءات، بل إن هذه القراءات قد شدت المسلمين على الحفاظ على النص القرآني الموحد أكثر فأكثر.

(١) ينظر على سبيل المثال: الكتاب المقدمة (كتاب الحياة) الذي يشمل العهد القديم والعهد الجديد- أي التوراة والإنجيل-: ٤٥٥، إذ ورد فيها: (وأولع سليمان بنساء غريبات كثيرات... وكلهن من بنات الأمم نهى الرب بني إسرائيل عن الزواج منهن... ولكن سليمان التصق بهن لفرط محبته لهن فكانت له سبع مائة زوجة... ) هل هذا الكلام يليق أن ينسب إلى نبي من الأنبياء؟!!!
(٢) ينظر: كتاب نكت الانتصار للباقلاني، باب اعتراضهم على القرآن بقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
(أنزل القرآن على سبعة أحرف): ١١٠؛ وينظر: المستشرقون والقرآن الكريم، رسالة دكتوراه لمحمد بهاء الدين: ١٧٣.


الصفحة التالية
Icon