وغيرهما صادقين في ادعائهما لبينوا لنا الغموض المزعوم الناجم من الترتيب العثماني للسور القرآنية «١».
إن أي مساس بالمصحف في شكله وترتيبه يعد خرقا صارخا لما تم عليه إجماع المسلمين في عهد عثمان رضي الله عنه، والإجماع هو من الأدلة الواجب اتباعها من وجهة النظر الإسلامية.
وخلاصة القول مما سبق في هذا المطلب:
إن النتائج التي توصل إليها المستشرقون في دراساتهم عن المصحف نتائج خاطئة؛ لأنها متمخضة عن روايات ضعيفة أو موضوعة، أو قائمة على محض خيالهم وأوهامهم، فكانت مجافية للحقيقة والواقع، وبعيدة عن النتائج العلمية التي توصل إليها العلماء المسلمون من دراساتهم حول المصحف الشريف بالاستناد إلى الروايات الصحيحة الواردة حوله، والتي اشتملت على:
المصحف المتداول اليوم الذي هو مرتب على وفق ترتيب النبي صلّى الله عليه وسلم لآياته وسوره، وبتوجيه من الوحي، واشتمل على كل ما ثبت أنه قرآن غير مرفوع وغير منسوخ التلاوة حين وفاة الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم، وكذلك فإن التواتر لم ينقطع بين المسلمين على أن هذه المصاحف المتداولة اليوم إنما هي نسخة طبق الأصل في النص والترتيب لتلك المصاحف العثمانية التي تم نسخها بأمر من الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه. وكما مر في الفصل الثالث بأن المصاحف العثمانية قد تم نسخها نصا وترتيبا عن المصحف المحرر زمن الخليفة الراشد الأول أبي بكر الصديق رضي الله عنه على ملأ من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، والذي اشتمل على كل ما ثبت أنه قرآن غير مرفوع وغير منسوخ التلاوة حين وفاة الرسول ﷺ «٢».
(٢) ينظر: مناهل العرفان: ١/ ٣٨٤؛ والمستشرقون والقرآن الكريم لمحمد بهاء الدين:
٢٢٠ - ٢٢١.