متن، ص : ١١٦
تشاهدها، والأمم التي تكون بعدها. أو للقرى التي تكون أمامها، وللقرى التي تكون خلفها. ولقول العرب : كذا بين يدى، كذا وجهان : أحدهما أن تكون بمعنى تقدّم الشيء للشىء. يقول القائل لغيره : أنا بين يديك. أي قريب منك. وقد مضى فلان بين يديك، أي تقدّم أمامك.
[سورة البقرة (٢) : آية ٧٤]
ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٧٤)
وقوله تعالى فى وصف الحجارة : وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ [٧٤] وهذه استعارة. والمراد ظهور الخضوع فيها لتدبير اللّه سبحانه بآثار الصنعة وأحلام الصنعة «١».
[سورة البقرة (٢) : آية ٨١]
بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٨١)
وقوله تعالى : بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ [٨١] وهذه استعارة فيها كناية عجيبة عن عظم الخطيئة، لأن الشيء لا يحيط بالشيء من جميع جهاته إلا بعد أن يكون سابغا غير قالص «٢»، وزائدا غير ناقص.
[سورة البقرة (٢) : آية ٨٨]
وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ (٨٨)
وقوله تعالى : وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ [٨٨]. وهذه استعارة على التأويلين جميعا.
إما أن تكون غلف جمع أغلف، مثل أحمر وحمر، يقال سيف أغلف. أو تكون جمع غلاف، مثل حمار وحمر، وتخفف «٣» فيقال حمر. وكذلك يجمع غلاف، فيقال غلف وغلف بالتثقيل والتخفيف. قال أبو عبيدة : كل شىء فى غلاف فهو أغلف، يقال : سيف أغلف، وقوس غلفاء، ورجل أغلف : إذا لم يختتن. فمن قرأ غلف، على جمع أغلف، فالمعنى أن المشركين قالوا : قلوبنا فى أغطية عما يقوله، يريدون النبي عليه السلام. ونظير ذلك قوله سبحانه حاكيا عنهم :

(١) هكذا بالأصل. ولم نهتد إلى وجه الصواب فيها، ولعلها :«و إحكام الصفة».
(٢) قلص الثوب بعد غسله - انكمش، فهو قالص.
(٣) فى الأصل «و تخفيف» وهو تحريف من الناسخ لا معنى له، والصواب ما أثبتناه.


الصفحة التالية
Icon