متن، ص : ١٣٧
[سورة الأنعام (٦) : آية ٦٨]
وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٦٨)
وقوله تعالى : وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ [٦٨] فهذه استعارة. والمراد بها إثارة أحاديث الآيات ليستشفّوا بواطنها، ويعلموا حقائقها، كالخابط فى غمرة الماء، لأنه يثير قعرها، ويسبر غمرها. وقد مضى الكلام على نظير ذلك فى (النساء).
[سورة الأنعام (٦) : آية ٨٠]
وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدانِ وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٨٠)
وقوله سبحانه : وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً [٨٠] وهذه استعارة. لأن صفة الشيء بأنه يسع غيره. لا يطلق إلا على الأجسام التي فيها الضيق والاتساع، والحدود والأقطار. تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا. فالمراد أن علمه سبحانه يحيط بكل شىء، فلا تخفى عليه خافية، ولا تدق عنه غامضة.
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٩٢ الى ٩٦]
وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ (٩٢) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (٩٣) وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٩٤) إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٩٥) فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٩٦)
وقوله سبحانه : وَلِتُنْذِرَ «١» أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها [٩٢] وهذه استعارة. والمراد بأم القرى مكة، وإنما سماها سبحانه بذلك، لأنها كالأصل للقرى، فكل قرية فإنما هى طارئة عليها، ومضافة إليها. وقد روى فى تقدم اختطاطها ما لا يحتمل كتابنا هذا ذكره.
وقوله تعالى : وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ [٩٣] وهذه استعارة عجيبة. لأنه سبحانه شبه الذين يعتورهم كرب الموت وغصصه بالذين تتقاذفهم غمرات الماء ولججه. وقد سميت الكربة غمرة لأنها تغمر قلب الإنسان، آخذة «٢» بكظمه، وخاتمة «٣».
على متنفسه. والأصل فى جميع ذلك غمرة الماء.
وقوله تعالى : لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ [٩٤] على قراءة من قرأ برفع النون من بينكم. وهذه استعارة. لأنه لا فصائل «٤» هناك على الحقيقة فتوصف بالتقطّع، وإنما المراد :

(١) بالأصل «لتنذر» بغير واو. والصواب ما أثبتناه من نص الآية الكريمة.
(٢ - ٣) فى الأصل «آخذه» و«خاتمه» بدون نقط على التاء المربوطة ولعلها :«و جاثمة»
(٤) فى الأصل «لا فضايل» بالضاد المعجمة. وليس المقام مقام فضائل ورذائل وإنما هو مقام فصائل ووصائل.


الصفحة التالية
Icon