متن، ص : ١٤٥
فكأنه جعل لهم من النار أمهدة مفترشة «١» وأغشية مشتملة، فيكون استظلالهم بحرها، كاستقرارهم على جمرها. نعوذ باللّه من ذلك.
[سورة الأعراف (٧) : آية ٤٣]
وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَّهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣)
وقوله سبحانه : وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ [٤٣]. وهذه استعارة. لأنه ليس هناك شىء يتأتى «٢» نزعه على الحقيقة. والمعنى : أزلنا ما فى صدورهم من الغل بإنسائهم إياه، وبإحداث «٣» أبدال له تشغل أماكنه من قلوبهم، وتشفع مواقعه من صدورهم. وقال بعض المفسرين : معنى ذلك : أهل الجنة لا يحسد بعضهم بعضا على علو المنزلة فيها، والبلوغ إلى مشارف رتبها. والحسد : الغل.
وقوله تعالى : وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [٤٣] وهذه استعارة خفية. وقد تكون استعارة خفية، واستعارة جلية. وذلك أن حقيقة الميراث فى الشرعهو ما انتقل إلى الإنسان من ملك الغير بعد موته على جهة الاستحقاق.
فأما صفة اللّه تعالى بأنه الوارث لخلقه كقوله : وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ «٤» وكقوله :
وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ «٥» فهو مجاز. والمراد : أنه الباقي بعد فناء خلقه، وتقوّض سمائه وأرضه.
وقد استعمل ذلك أيضا فى نزول قوم ديار قوم بعدهم، وأخذ قوم أموال قوم بعد إجلائهم وحربهم «٦». فقال سبحانه فى هذه السورة : وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها [١٣٧]. وقال تعالى فى

(١) فى الأصل «مفوننه» وهو تحريف.
(٢) فى الأصل «يثانى» وهو تحريف.
(٣) فى الأصل «و بأحداب» وهو تحريف.
(٤) سورة القصص. الآية رقم ٥٨.
(٥) سورة آل عمران. الآية رقم ١٨٠ وسورة الحديد. الآية رقم ١٠.
(٦) فى الأصل «و حرمبم» وهو تحريف صوابه ما أثبتناه، مما يجزم به السياق.


الصفحة التالية
Icon